البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} (100)

البرزخ : الحاجز بين المسافتين .

وقيل : الحجاب بين الشيئين يمنع أحدهما أن يصلى إلى الآخر .

ومعنى { فِيمَا تَرَكْتُ } في الإيمان الذي تركته والمعنى لعلي آتى بما تركته من الإيمان وأعمل فيه صالحاً كما تقول : لعلي أبني على أس ، يريد أؤس أساً وأبني عليه .

وقيل : { فِى مَا * تَرَكْتُ } من المال على ما فسره ابن عباس : { كَلاَّ } كلمة ردع عن طلب الرجعة وإنكار واستبعاد .

فقيل : هي من قول الله لهم .

وقيل : من قول من عاين الموت يقول ذلك لنفسه على سبيل التحسر والندم ، ومعنى { هُوَ قَائِلُهَا } لا يسكت عنها ولا ينزع لاستيلاء الحسرة عليه ، أو لا يجد لها جدوى ولا يجاب لما سأل ولا يغاث { وَمِن وَرَائِهِمْ } أي الكفار { بَرْزَخٌ } حاجز بينهم وبين الرجعة إلى وقت البعث .

وفي هذه الجملة اقناط كلي أن لا رجوع إلى الدنيا ، وإنما الرجوع إلى الآخرة استعير البرزخ للمدة التي بين موت الإنسان وبعثه .