{ قال } لعظيم ما يعاين من عذاب الله : { رب ارجعون } إلى الدنيا { لعلي أعمل صالحا فيما تركت } قبل اليوم من العمل فضيعته وفرطت فيه . وذلك تندما منه على ما فات وتلهفا .
يقول الجبار : { كلا } أي : لا ترد ، وذلك لا ينفعه ، لأنه وقت رفع عنه حد التكليف ، فلا تنفع فيه توبة ، وذلك عند اليقين بالموت ، والبشارة بما أعد{[47632]} له من العذاب ، والإعلام بما كان عليه من الخطأ في دينه ، فإذا عاين ذلك كله ، لم ينفعه ندم ولم يتقبل منه توبة ولم يقل من ندامته .
وليست ( لعل ) في هذا للشك ، لم يرد لعلي أعمل أو لا أعمل إنما هي لليقين ، أي : إن أرددت عملت ، وهو لا يرد أبدا .
قال ابن زيد{[47633]} : ذلك حين{[47634]} تنقطع الدنيا ، ويعاين الآخرة قبل أن يذوق الموت .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال{[47635]} : { إذا حضر الإنسان / الموت جمع له كل شيء كان يمنعه من ماله من حقه ، فجعل بين يديه ، فعند ذلك يقول : { رب ارجعون . . . }الآية .
وروى ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[47636]} : " إذا عاين المؤمن الملائكة ، قالوا : نرجعك إلى الدنيا ، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان ، فيقول : بل قدما إلى الله جل ثناؤه ، وأما الكافر فيقول : رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت .
قال الضحاك{[47637]} : يعني به أهل الشرك .
وقوله : { رب ارجعون } بالتوحيد ثم بالجمع فإنما ذلك لأن الكافر ابتدأ سؤاله إلى الله ، ثم رجع إلى خطاب الملائكة الذين يتولون القبض روحه ، فأتى بلفظ الجمع لأنهم جماعة ، ووحد أولا لأن الله واحد .
وقيل{[47638]} : إنه إنما{[47639]} جمع لأن الجبار يخبر عن نفسه بلفظ الجماعة تعظيما ، فإذا خوطب جرى أيضا على ذلك ، فجرى أول الكلام على التوحيد وآخره على لفظ الجمع للتعظيم .
وقيل{[47640]} : إنما جاء ( ارجعون ) بلفظ الجمع ، لأنه بمعنى : ارجع ارجع ففيه معنى التكرير ، وكذلك قال المازني{[47641]} في قوله : { ألقيا في جهنم }{[47642]} قال : معناه : الق الق .
ثم قال : { إنها كلمة هو قائلها } قال ابن زيد : لا بد كل مشرك أن يقولها .
ثم قال تعالى : { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون }[ 101 ] .
البرزخ هو مقامهم تحت التراب إلى يوم البعث فهو حاجز بينهم وبين الرجوع .
قال ابن عباس{[47643]} : ( برزخ ) أجل إلى حين .
وقال ابن جبير{[47644]} : برزخ ما بعد الموت .
وحضر أبو أمامة جنازة ، فلما وضعت في اللحد قال : هذا برزخ إلى يوم يُبعثون .
وقال مجاهد{[47645]} : ( البرزخ ) ما بين الموت إلى البعث .
وقال الضحاك{[47646]} : ( البرزخ ) ما بين الدنيا والآخرة .
وحقيقة البرزخ في اللغة أنه كل حاجز بين شيئين .
وقال رجل بحضرة الشعبي رحم الله فلانا صار من أهل الآخرة فقال : لم يصر من أهل الآخرة ، ولكنه صار{[47647]} من أهل البرزخ ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة{[47648]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.