الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا} (15)

الراجح إلى الموصولين محذوف ، يعني : وعدها المتقون وما يشاؤونه . وإنما قيل : كانت ، لأن ما وعده الله وحده فهو في تحققه كأنه قد كان . أو كان مكتوباً في اللوح قبل أن برأهم بأزمنة متطاولة : أن الجنة جزاؤهم ومصيرهم .

فإن قلت : ما معنى قوله : { كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً } ؟ قلت : هو كقوله : { نِعْمَ الثواب وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 31 ] فمدح الثواب ومكانه ، كما قال : { بِئْسَ الشراب وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا } [ الكهف : 29 ] قدّم العقاب ومكانه لأنّ النعيم لا يتمّ للمتنعم إلاّ بطيب المكان وسعته وموافقته للمراد والشهوة ، وأن لا تنغص ، وكذلك العقاب يتضاعف بغثاثة الموضع وضيقه وظلمته وجمعه لأسباب الاجتواء والكراهة ، فلذلك ذكر المصير مع ذكر الجزاء .