الجملة بعد «إلاّ » صفة لموصوف محذوف . والمعنى : وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين إلاّ آكلين وماشين . وإنما حذف اكتفاء بالجار والمجرور . أعني من المرسلين ونحوه قوله عزّ من قائل : { وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [ الصافات : 164 ] على معنى : وما منا أحد . وقرىء : «ويمشون » على البناء للمفعول ، أي : تمشيهم حوائجهم أو الناس . ولو قرىء : «يمشون » ، لكان أوجه لولا الرواية . وقيل : هو احتجاج على من قال : { مَا لهذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِى فِى الأسواق } [ الفرقان : 7 ] . { فِتْنَةً } أي محنة وابتلاء . وهذا تصبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه واستبدعوه ، من أكله الطعام ومشيه في الأسواق بعد ما احتج عليهم بسائر الرسل ، يقول : وجرت عادتي وموجب حكمتي على ابتلاء بعضكم أيها الناس ببعض . والمعنى : أنه أبتلى المرسلين [ منهم ] بالمرسل إليهم ، وبمناصبتهم لهم العداوة ، وأقاويلهم الخارجة عن حدّ الإنصاف ، وأنواع أذاهم ، وطلب منهم الصبر الجميل ، ونحوه { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذلك مِنْ عَزْمِ الأمور } [ آل عمران : 186 ] وموقع { أَتَصْبِرُونَ } بعد ذكر الفتنة موقع { أَيُّكُمْ } بعد الابتلاء في قوله : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ هود : 27 ] ، [ الملك : 2 ] { بَصِيراً } عالماً بالصواب فيما يبتلي به وغيره فلا يضيقنّ صدرك ، ولا يستخفنك أقاويلهم فإن في صبرك عليها سعادتك وفوزك في الدارين . وقيل : هو تسلية له [ عليه الصلاة والسلام ] عما عيروه به من الفقر ، حين قالوا : أو يلقى إليه كنز ، أو تكون له جنة ، وأنه جعل الأغنياء فتنة للفقراء ؛ لينظر : هل يصبرون ؟ وأنها حكمته ومشيئته : يغني من يشاء ويفقر من يشاء . وقيل : جعلناك فتنة لهم ؛ لأنك لو كنت غنياً صاحب كنوز وجنان لكان ميلهم إليك وطاعتهم لك للدنيا ، أو ممزوجة بالدنيا ؛ فإنما بعثناك فقيراً ليكون طاعة من يطيعك خالصة لوجه الله من غير طمع دنيوي . وقيل : كان أبو جهل والوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل ومن في طبقتهم يقولون : إن إسلمنا وقد أسلم قبلنا عمار وصهيب ، وبلال وفلان وفلان ترفعوا علينا إدلالاً بالسابقة ، فهو افتتان بعضهم ببعض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.