قوله تعالى : { أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد } الآية . لما وصف العقاب المعد للمكذبين بالساعة أتبعه بما يؤكد الحسرة والندامة فقال : «أَذَلِكَ خَيْرٌ » .
فإن قيل : كيف يقال : العذاب خير أم جنة الخلد ؟ وهل يجوز أن يقول العاقل : السكر أحلى أم الصبر ؟ فالجواب : هذا يحسن في معرض التقريع كما إذا أعطى السيد عبده مالاً فتمرد وأبى واستكبر فضربه ويقول له : أهذا{[35497]} خير أم ذلك{[35498]} ؟
قال أبو مسلم : جنة الخلد : هي التي لا ينقطع نعيمها ، والخلد والخلود سواء{[35499]} كالشكر والشكور ، قال تعالى : { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً } [ الإنسان : 9 ] . فإن قيل : الجنة اسم لدار مخلدة ، فأي فائدة في قوله : «جَنَّةُ الخُلْدِ » ؟ فالجواب : الإضافة قد تكون للتبيين ، وقد تكون لبيان صفات الكمال ، كقوله تعالى : «الخَالِقُ البَارِئ »{[35500]} وهذا من هذا الباب{[35501]} .
احتج المعتزلة بهذه الآية على إثبات الاستحقاق من وجهين :
الأول : اسم الجزاء لا يتناول إلا المستحق ، فأما الموعود بمحض التفضيل فلا يسمى جزاء .
والثاني : لو كان المراد بالجزاء ما صرتُم إليه بمجرد الوعد فلا يبقى بين قوله : «جَزَاءً » وبين قوله : «مَصِيراً » تفاوت ، فيصير ذلك تكريراً من غير فائدة .
والجواب : أنه لا نزاع في كونه جزاء إنما النزاع في أن كونه جزاء ثبت بالوعد أو بالاستحقاق ، وليس في الآية ما يدل على التعيين{[35502]} .
فإن قيل : إن الجنة ستصير للمتقين جزاء ومصيراً لكنها بعد ما صارت كذلك ، فلم قال الله { كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً } ؟
الأول : أن ما وعده فهو في تحققه كأنه قد كان ؛ ولأنه قد كان مكتوباً في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم الله بأزمنة متطاولة أن الجنة جزاؤهم ( ومصيراً ){[35503]} {[35504]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.