الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَ مَا يُوعَدُونَ لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّن نَّهَارِۭۚ بَلَٰغٞۚ فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (35)

{ أُوْلُواْ العزم } أولوا الجد والثبات والصبر . و { مِنْ } يجوز أن تكون للتبعيض ، ويراد بأولى العزم : بعض الأنبياء . قيل : هم نوح ، صبر على أذى قومه : كانوا يضربونه حتى يغشى عليه ، وإبراهيم على النار وذبح ولده ، وإسحاق على ا لذبح ، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره ، ويوسف على الجب والسجن ، وأيوب على الضرّ ، وموسى قال له قومه : إنا لمدركون ، قال : كلا إنّ معي ربي سيهدين ، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة ، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال : إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها . وقال الله تعالى في آدم : { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } [ طه : 115 ] وفي يونس : { وَلاَ تَكُن كصاحب الحوت } [ القلم : 48 ] ويجوز أن تكون للبيان ، فيكون أولو العز صفة الرسل كلهم { وَلاَ تَسْتَعْجِل } لكفار قريش بالعذاب ، أي : لا تدع لهم بتعجيله ؛ فإنه نازل بهم لا محالة ، وإن تأخر ، وأنهم مستقصرون حينئذٍ مدّة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها { سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ } أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة . أو هذا تبليغ من الرسول عليه السلام { فَهَلْ يُهْلَكُ } إلا الخارجون عن الاتعاظ به ، والعمل بموجبه . ويدل على معنى التبليغ قراءة من قرأ : بلغ فهل يهلك : وقرىء «بلاغاً » ، أي بلغوا بلاغاً : وقرىء «يهلك » بفتح الياء وكسر اللام وفتحها ، من هلك وهلك . ونهلك بالنون { إِلاَّ القوم الفاسقون } .

ختام السورة:

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا " .