والفاءُ في قولِه تعالى : { فاصبر كَمَا صَبَرَ أُولُوا العزم مِنَ الرسل } جوابُ شرطٍ محذوفٍ أيْ إذا كان عاقبةُ أمرِ الكفرةِ ما ذُكِرَ فاصبرْ على ما يصيبكَ من جهتِهم كما صبرَ أولُو الثباتِ والحزمِ من الرسلِ فإنكَ من جُمْلتِهم بل من علْيتِهم ومِنْ للتبيينِ ، وقيل : للتبعيضِ ، والمرادُ بأُولي العزمِ أصحابُ الشرائعِ الذينَ اجتهدُوا في تأسيسِها وتقريرِها وصبرُوا على تحملِ مشاقِّها ومعاداةِ الطاعنينَ فيَها ، ومشاهيرُهُم نوحٌ وإبراهيمُ وموسى وعِيْسَى عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ ، وقيلَ : هم الصابرونَ على بلاءِ الله كنوحٍ صبرَ على أذيةِ قومِه ، كانُوا يضربونَهُ حتى يُغشَى عليهِ ، وإبراهيمُ صبرَ على النَّارِ وعلى ذبحِ ولدِه ، والذبيحُ على الذبحِ ، ويعقوبُ على فقدِ الولدِ والبصرِ ، ويوسفُ على الجُبِّ والسجنِ ، وأيوبُ على الضُرِّ ، ومُوسى قال له قومُه : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ } [ سورة الشعراء ، الآية 61 ] ، وداودُ بكى على خطيئتِه أربعينَ سنةً ، وعيْسَى لم يضع لبنةً على لبنةٍ صلواتُ الله تعالَى وسلامُه عليهم أجمعينَ .
{ وَلاَ تَسْتَعْجِل لهُمْ } أي لكُفَّارِ مكةَ بالعذابِ فإنَّه على شرفِ النزولِ بهم { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ } من العذابِ { لمْ يَلْبَثُوا } في الدُّنيا { إِلاَّ سَاعَةً } يسيرةً { من نهَارٍ } لما يشاهدونَ من شدةِ العذابِ وطولِ مدتهِ . وقولُه تعالى { بَلاَغٌ } خبرٌ مبتدأٍ محذوفٍ ، أي هَذا الذي وُعظتم بهِ كفايةٌ في الموعظةِ أو تبليغٌ من الرسولِ ويُؤيدُه أنَّه قُرِئ بلغ ، وقُرِئ بلاغاً أي بلغُوا بلاغاً { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الفاسقون } أي الخارجونَ عن الاتِّعاظِ أو عن الطاعةِ . وقُرِئ بفتحِ الياءِ وكسرِ اللامِ ، وبفتحِهما ، منْ هَلِكَ وهَلَكَ ، وبنونِ العظيمةِ من الإهلاكِ ونصبِ القومِ ووصفِه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.