لما قرّر سبحانه الأدلة على النبوّة والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال : { فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل } والفاء جواب شرط محذوف : أي إذا عرفت ذلك ، وقامت عليه البراهين ولم ينجع في الكافرين فاصبر كما صبر أولوا العزم : أي أرباب الثبات والحزم ، فإنك منهم . قال مجاهد : أولوا العزم من الرسل خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وهم أصحاب الشرائع . وقال أبو العالية : هم نوح وهود وإبراهيم ، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم . وقال السديّ . هم ستة إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى . وقال ابن جريج : إن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس منهم يونس . وقال الشعبي والكلبي : هم الذين أمروا بالقتال ، فأظهروا المكاشفة وجاهدوا الكفرة ، وقيل : هم نجباء الرّسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر : إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط . واختار هذا الحسين بن الفضل لقوله بعد ذكرهم : { أُوْلَئِكَ الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } [ الأنعام : 90 ] وقيل : إن الرسل كلهم أولوا عزم ، وقيل : هم اثنا عشر نبياً أرسلوا إلى بني إسرائيل . وقال الحسن : هم أربعة : إبراهيم وموسى وداود وعيسى { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } أي لا تستعجل العذاب يا محمد للكفار . لما أمره سبحانه بالصبر ، ونهاه عن استعجال العذاب لقومه رجاء أن يؤمنوا قال : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ } من العذاب { لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّن نَّهَارٍ } أي كأنهم يوم يشاهدونه في الآخرة لم يلبثوا في الدنيا إلاّ قدر ساعة من ساعات الأيام لما يشاهدونه من الهول العظيم والبلاء المقيم . قرأ الجمهور : { بلاغ } بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي هذا الذي وعظتهم به بلاغ ، أو تلك الساعة بلاغ ، أو هذا القرآن بلاغ ، أو هو مبتدأ ، والخبر لهم الواقع بعد قوله : { وَلاَ تَسْتَعْجِل } أي لهم بلاغ ، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر ، وزيد بن عليّ «بلاغاً » بالنصب على المصدر : أي بلغ بلاغاً ، وقرأ أبو مجلز ( بلغ ) بصيغة الأمر . وقرئ ( بلغ ) بصيغة الماضي { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الفاسقون } قرأ الجمهور : { فهل يهلك } على البناء للمفعول . وقرأ ابن محيصن على البناء للفاعل ، والمعنى : أنه لا يهلك بعذاب الله إلاّ القوم الخارجون عن الطاعة ، الواقعون في معاصي الله . قال قتادة : لا يهلك على الله إلاّ هالك مشرك . قيل : وهذه الآية أقوى آية في الرجاء . قال الزجاج : تأويله لا يهلك مع رحمة الله وفضله إلاّ القوم الفاسقون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.