الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَ مَا يُوعَدُونَ لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّن نَّهَارِۭۚ بَلَٰغٞۚ فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (35)

أخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها قالت : «ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً ، ثم طوى ، ثم ظل صائماً ثم طوى ، ثم ظل صائماً ، قال : «يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد . يا عائشة إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم ، فقال : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } ، وإني والله لأصبرنَّ كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله » .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : أولوا العزم من الرسل النبي صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى .

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن أبي العالية { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } قال : نوح وهود وإبراهيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا وكانوا ثلاثة ورسول الله صلى الله عليه وسلم رابعهم قال نوح : { يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله } [ يونس : 71 ] إلى آخرها فظهر لهم المفارقة وقال هود حين { قالوا : إن نقول الا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه } [ هود : 53 ] فأظهر لهم المفارقة قال لإِبراهيم { لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم } [ الممتحنة : 4 ] إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة وقال يا محمد : { قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله } [ الأنعام : 56 ] فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة .

وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله { أولوا العزم } قال : هم نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : { أولوا العزم } إسماعيل ويعقوب وأيوب ، وليس آدم منهم ولا يونس ولا سليمان .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : { أولوا العزم } نوح وإبراهيم وموسى وعيسى .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } قال : هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان .

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغني أن أولي العزم من الرسل كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } قال : تعلموا والله ما يهلك على الله إلا هالك مشرك ولى الإِسلام ظهره أو منافق صدق بلسانه وخالف بقلبه .

وأخرج الطبراني في الدعاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا طلبت وأحببت أن تنجح فقل : لا إله إلا إله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب السموات والأرض ، ورب العرش العظيم الحمد لله ، رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عيشة أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار اللهم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا همّاً إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين » .