{ فَأَخْرَجْنَا بِهِ } بالماء { نَبَاتَ كُلّ شَىْء } نبت كل صنف من أصناف النامي ، يعني أن السبب واحد وهو الماء . والمسببات صنوف مفتنة ، كما قال : { يسقى بِمَاء واحد وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا على بَعْضٍ فِى الأكل } [ الرعد : 4 ] . { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ } من النبات { خَضِرًا } شيئاً غضاً أخضر . يقال أخضر وخضر ، كأعور وعور ، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة { نُخْرِجُ مِنْهُ } من الخضر { حَبّاً مُّتَرَاكِباً } وهو السنبل . و { قنوان } رفع الابتداء . و { مِنْ النخل } خبره . و { مِن طَلْعِهَا } بدل منه ، كأنه قيل : وحاصلة من طلع النخل قنوان . ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة أخرجنا عليه تقديره ومخرجة من طلع النخل قنوان ومن قرأ يخرج منه حب متراكب ، كان { قنوان } عنده معطوفاً على حب . والقنوان : جمع قنو ، ونظيره : صنو وصنوان . وقرىء : بضم القاف وبفتحها ، على أنه اسم جمع كركب ؛ لأنّ فعلان ليس من زيادة التكسير { دَانِيَةٌ } سهلة المجتنى معرضة للقاطف ، كالشيء الداني القريب المتناول ؛ ولأنّ النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتي بالثمر لا تنتظر الطول . وقال الحسن : دانية قريب بعضها من بعض . وقيل : ذكر القريبة وترك ذكر البعيدة ، لأنّ النعمة فيها أظهر وأدلّ بذكر القريبة على ذكر البعيدة ، كقوله : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر } [ النحل : 81 ] وقوله : { وجنات مّنْ أعناب } فيه وجهان ، أحدهما : أن يراد : وثم جنات من أعناب ، أي مع النخل . والثاني : أن يعطف على { قنوان } على معنى : وحاصلة ، أو ومخرجة من النخل قنوان وجنات من أعناب ، أي من نبات أعناب . وقرىء : «وجنات » بالنصب عطفاً على { نَبَاتَ كُلّ شَىْء } أي : وأخرجنا به جنات من أعناب ، وكذلك قوله : { والزيتون والرمان } والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص ، كقوله : { والمقيمين الصلاة } [ النساء : 162 ] لفضل هذين الصنفين { مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ متشابه } يقال اشتبه الشيئان وتشابها ، كقولك استويا وتساويا . والافتعال والتفاعل يشتركان كثيراً . وقرىء : «متشابهاً وغير متشابه » وتقديره : والزيتون متشابهاً وغير متشابه ، والرمّان كذلك كقوله :
كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدَيَّ بَرِيًّا ***
والمعنى : بعضه متشابهاً وبعضه غير متشابه ، في القدر واللون والطعم . وذلك دليل على التعمد دون الإهمال { انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ } إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلاً ضعيفاً لا يكاد ينتفع به . وانظروا إلى حال ينعه ونضجه كيف يعود شيئاً جامعاً لمنافع وملاذ ، نظر اعتبار واستبصار واستدلال على قدرة مقدّره ومدبره وناقله من حال إلى حال . وقرىء { وَيَنْعِهِ } بالضم . يقال : ينعت الثمرة ينعاً وينعاً . وقرأ ابن محيصن : «ويانعه » . وقرىء : «وثمره » ، بالضم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.