الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } وهو آخر العدة وشارفته ، فأنتم بالخيار : إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان ، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلاً للعدة عليها وتعذيباً لها { وَأَشْهِدُواْ } يعني عند الرجعة والفرقة جميعاً .

وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كقوله : { وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } [ البقرة : 282 ] وعند الشافعي : هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة . وقيل : فائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد ، وأن لا يتهم في إمساكها ، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الباقي ثبوت الزوجية ليرث { مِّنكُمْ } قال الحسن : من المسلمين . وعن قتادة : من أحراركم { لِلَّهِ } لوجهه خالصاً ، وذلك أن تقيموها لا للشهود له ولا للمشهود عليه ، ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الظلم ، كقوله تعالى : { كُونُواْ قَوَّامِينَ بالقسط شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ } [ النساء : 135 ] أي : { ذَلِكُمْ } الحث على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط ، { يُوعَظُ بِهِ . . . وَمَن يَتَّقِ الله } يجوز أن تكون جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة ، وطريقه الأحسن والأبعد من الندم ، ويكون المعنى : ومن يتق الله فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد { يَجْعَلْ } الله { لَّهُ مَخْرَجاً } مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق ، ويفرج عنه وينفس ويعطه الخلاص .