قوله : { وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب } قال أبو البقاء : { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ } مفعول ثان ل : " أنْذر " ، أي : خوفهم عذاب يوم ، وكذا قاله الزمخشريُّ .
وفيه نظرٌ ، إذ يؤول إلى قولك : أنذرهم عذاب يوم يأتيهم العذاب ، ولا حاجة إلى ذلك ، ولا جائز أن يكون ظرفاً ؛ لأنَّ ذلك اليوم لا إنذار فيه سواء قيل : إنه يوم القيامة ، أو يوم هلاكهم ، أو يوم تلقاهم الملائكةُ .
والألف واللام في : " العَذابُ " للمعهود السَّابق ، أي : وأنذرهم يوم يأتيهم العذاب الذي تقدَّم ذكره ، وهو شخوصُ الأبصار ، وكونهم مهطعين مقنعي رءوسهم .
حمل أبو مسلم قوله : { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب } على أنه حال المعاينة ، لأنَّ هذه الآية شبيهة بقوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخّرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين } [ المنافقون : 10 ] ، وظاهر الآية يشهد بخلافه ؛ لأنه -تعالى- وصف اليوم بأن العذاب يأتيهم فيه ، وأنهم يسألون الرجعة ، ويقال لهم : { أَوَلَمْ تكونوا أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } ؟ ولا يليق ذلك إلا بيوم القيامة .
ثمَّ حكى تعالى عنهم ما يقولون في ذلك اليوم : { فَيَقُولُ الذين ظلموا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ } قال بعضهم : طلبوا الرجعة إلى الدنيا ليتلافوا ما فرَّطوا فيه .
وقيل : طلبوا الرُّجوع إلى حال التَّكليف لقولهم : { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل } ، فقوله : " نُجِبْ " جواب الأمرِ .
قوله : { أَوَلَمْ تكونوا أَقْسَمْتُمْ من قبل } قال الزمخشري : " على إرادة القول وفيه وجهان : أن تقولوا ذلك أشراً وبطراً ، أو تقولوه بلسان الحال حيث بنوة شديداً ، وأملوا بعيداً " .
و " مَا لكُمْ " جواب القسم ، وإنَّما جاء بلفظ الخطاب لقوله : " أقْسَمْتُمْ " ، ولو جاء بلفظ المقسمين لقيل : " مَا لنَا " .
وقدَّر أبو حيَّان ذلك القول هنا من قول الله -عزَّ وجلَّ- أو الملائكة -عليهم السلام- أي : فيقال لهم : " أو لم تكونوا " ، وهو أظهر من الأول ، أعني ؟ : جريان القول من غيرهم لا منهم ، والمعنى : { أَوَلَمْ تكونوا أَقْسَمْتُمْ } أراد قوله : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } [ الأنعام : 109 ] إلى غير ذلك ممَّا كانوا ينكرونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.