اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (57)

قوله تعالى : { فَمَا خَطْبُكُمْ } الخطب : الشأن ، والأمر ، سألهم عمَّا لأجله أرسلهم الله –تعالى- .

فِإن قيل : إنَّ الملائكة لما بشَّروه بالولد الذَّكر العليمِ ، كيف قال لهم بعد ذلك " فَمَا خَطْبُكمُ " ؟ .

فالجواب : قال الأصم : معناه : ما الذي وجهتم له سوى البُشْرَى ؟ .

وقال القاضي{[19576]} : إنه علم أنه لو كان المقصود أيضاً البشارة ، لكان الواحد من الملائكة كافياً ، فلمَّا رأى جمعاً من الملائكة ؛ علم أنَّ لهم غرضاً آخر سوى إيصال البشارة ، فلا جرم قال : " فَما خَطْبكُمْ " ؟ .

قيل : إنَّهم قالوا : إنَّا نُبشِّركَ بغُلامٍ عَليم لإزالة الخوف ، والوجل ، ألا ترى أنّه لما قال : { إنا منكم وجلون } قالوا له : { لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم }{[19577]} ، فلو كان المقصود من المجيء هو البشارة ؛ كانوا ذكروا البشارة في أوَّل دخولهم ، فلمَّا لم يكن الأمر كذلك علم إبراهيم -صلوات الله وسلامه عليه- أنَّ مجيئهم ما كان لمجرَّد البشارة ، بل لغرض آخر فلا جرم سألهم عن ذلك الغرض ، قال : { فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } .


[19576]:ينظر: الفخر الرازي 19/108.
[19577]:سقط من: ب.