اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا} (110)

قوله : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } الضمير في قوله : { بَيْنَ أيْدِيهِمْ } عائد إلى{[26913]} الذين يتبعون الداعي{[26914]} .

ومن قال : إن قوله : { مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن } المراد به الشافع ( قال : الضمير عائد إليه ){[26915]} ، والمعنى : لا تَنْفع شفاعة الملائِكة والأنبياء إلا لِمَن{[26916]} أذِنَ له الرحمن في أن يشفع من الملائكة . ثم قال{[26917]} { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } يعني ما بين أيدي{[26918]} الملائكة كقوله في آية الكرسي{[26919]} ، قاله{[26920]} الكلبي ومقاتل .

وفيه تقريع لمن يعبد الملائكة ليشفَعُوا له . قال مقاتل : يعلم ما كان قبل أن يخلق الملائكة ، وما كان بعد خلقهم{[26921]} . ومن قال : الضمير عائد إلى الذين يتبعون الداعي قال : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } أي ما قدموا " وَمَا خَلْفَهُمْ " من أمر الدنيا قاله الكلبي . وقال مجاهد : " مَا بَيْنَ أيْدِيهِمْ " من أمر الدنيا والأعمال " وَمَا خَلْفَهُمْ " من أمر الآخرة . وقال الضحاك : يعلم ما مضى وما بقي ومتى تكون القيامة{[26922]} . { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } قيل : الكناية راجعة إلى " مَا " أي : هو يعلمُ ما بيْنَ أيديهم وما خلفهم ، ( ولا يعلمونه أي العباد لا يعلمون بما بين أيديهم وما خلفهم{[26923]} ){[26924]} .

وقيل : الكناية راجعة إلى الله ، أي عباده لا يحيطُون به علماً{[26925]} .


[26913]:في ب: على.
[26914]:أي إلى المشفوع.
[26915]:ما بين القوسين سقط من ب. الضمير عائد إلى الشافع.
[26916]:في ب: على.
[26917]:ثم: سقط من ب.
[26918]:أيدي: سقط من ب.
[26919]:قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [البقرة: 255].
[26920]:في الأصل: قال.
[26921]:انظر الفخر الرازي 22/119.
[26922]:ينظر هذه الأقوال في الفخر الرازي 22/119.
[26923]:البحر المحيط 6/280.
[26924]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26925]:انظر البغوي 5/459. وقد رجّح ابن الخطيب عود الضمير إلى "ما" فإنه قال: (والأول أولى لوجهين: أحدهما أنّ الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات والأقرب ههنا قوله: {ما بين أيديهم وما خلفهم} وثانيهما أنه تعالى أورد ذلك مورد الزجر ليعلم أن سائر ما يقدمون عليه وما يستحقون به المجازاة معلوم لله تعالى) الفخر الرازي 22/119.