اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{خَٰلِدِينَ فِيهِۖ وَسَآءَ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ حِمۡلٗا} (101)

قوله : { خَالِدينَ فِيهِ } حال من فاعل " يَحْمِلُ " {[26663]} . فإن قيل : كيف يكون الجمع{[26664]} حالاً من مفرد ؟

فالجواب : أنه حمل على لفظ " مَنْ " {[26665]} فأفرد الضمير في قوله : " أَعْرَضَ " و " فَإِنَّهُ " و " يَحْمِلُ " ، وعلى معناها فجمع في " خَالِدِينَ " و " لَهُمْ " {[26666]} ، والمعنى مقيمين في عذاب الوزر . والضمير في " فِيهِ " يعود ل " وِزْراً " ، والمراد فيه{[26667]} العقاب المتسبب عن الوزر ، وهو الذَّنب ، فأقيم السبب مقام المسبب . وقرأ داود ( بن رفيع{[26668]} ){[26669]} " ويُحَمَّل " مضعفاً مبنيَّا للمفعول{[26670]} ، والقائم مقام فاعله ضمير " مَنْ " و{[26671]} " وِزْراً " مفعول ثان{[26672]} . قوله : { وَسَاءَ } هذه ساء التي بمعنى بِئْس{[26673]} وفاعلها مستتر فيها يعود إلى " حِمْلاً " المنصوب على التمييز ، لأن هذا الباب يفسر الضمير فيه بما بعده ، والتقدير : وَسَاءَ الحِمْلُ حِمْلاً ، ( والمخصوص بالذم محذوف تقديره : وَسَاء الحِمْلُ حِمْلاً وِزْرَهُمْ ){[26674]} . ولا يجوز أن يكون الفاعل لبئس ضمير الوِزْر ، لأن شرط الضمير في هذا الباب أن يعود على نفس{[26675]} التمييز{[26676]} . فإن قلتَ{[26677]} : ما أنكرت أن يكون في " سَاءَ " ضمير الوزر . قلت : لا يصح أن يكون في " سَاءَ " وحكمه حكم بئس ضمير شيءٍ بعينه غير مبهم{[26678]} . ولا جائز{[26679]} أن يكون " سَاءَ " هنا بمعنى " أَهَمَّ وأحزَنَ ) فتكون متصرفة كسائر الأفعال{[26680]} .

قال الزمخشري : كفاك{[26681]} صادَّا عنه أن{[26682]} يَؤُول كلامُ الله تعالى إلى قولك{[26683]} وأحْزَنَ{[26684]} الوِزْرَ لَهُمْ يومَ القيامة حِمْلاً ، وذلك بعد{[26685]} أن تخرج عن عُهْدِة هذه اللام وعهدة هذا{[26686]} المنصوب{[26687]} . انتهى . واللام في " لَهُمْ " متعلقة بمحذوف على سبيل البيان كهي في " هَيْتَ لَك " {[26688]} والمعنى بئس ما حملوا على أنفسهم من الإثم كفراً بالقرآن .


[26663]:في الآية السابقة: (100) وانظر البيان 2/154 التبيان 2/904.
[26664]:في ب: الجمع يكون.
[26665]:من: سقط من ب.
[26666]:البيان 2/154، التبيان 2/904.
[26667]:في ب: والضمير في ذلك هو. وهو تحريف.
[26668]:لم أجد له ترجمة فيما رجعت إليه من مراجع.
[26669]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26670]:المختصر 98، 90، القرطبي 11/244، البحر المحيط 6/278.
[26671]:و: سقط من ب.
[26672]:انظر البحر المحيط 6/278.
[26673]:في لزوم إنشاء الذم، ولها حينئذ نفس الأحكام الثانية لبئس من كون الفاعل مقرونا بأل نحو ساء الرجل أبو جهل، أو مضافا لما فيه أل نحو ساء حطب النار أبو لهب. أو مفسرا بتمييز كما هنا. وانظر ذلك في شرح الأشموني 3/63-43 (باب نعم وبئس).
[26674]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26675]:نفس: سقط من ب.
[26676]:وهو من المواضع التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظا ورتبة. انظر الكشاف 2/446، التبيان 2/904. المغني 2/489.
[26677]:في ب: فإن قيل.
[26678]:الكشاف 2/446.
[26679]:في ب: ولا يجوز.
[26680]:لأن "ساء" لما ضمن معن "بئس" صار جامدا ولزمه إنشاء الذم مبالغة. الأشموني 3/39.
[26681]:في ب: لفي. وهو تحريف.
[26682]:في ب: أنه.
[26683]:قولك: تكملة من الكشاف.
[26684]:في ب: أهم وأحزن.
[26685]:في الأصل: بعيد. وهو تحر يف.
[26686]:في ب: هذه. وهو تحريف.
[26687]:الكشاف 2/446.
[26688]:من قوله تعالى: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله} [يوسف: 32] فيمن قرأ "هيت" بهاء مفتوحة وياء ساكنة وتاء مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة فهي اسم فعل، ويكون مسماه فعل أمر بمعنى أقبل أو تعال، فاللام للتبيين أي إرادتي لك أو أقول لك. واللام في الآية التي معنا للبيان وهي متعلقة بمحذوف، لأن الجار والمجرور لا يتعلق بالجامد. انظر المغني 1/222.