قوله : { فَأُلْقِيَ السحرة سُجَّداً }{[25566]} لما ألْقَى ما في يمينه ، وصار حيَّةً ، وتلقف{[25567]} ما صنعوا ، وظهر الأمر ، خروا عند ذلك سجداً ، لأنهم كانوا في أعلى طبقات السحر ، فلما رأوا ما فعل{[25568]} موسى - عليه السلام{[25569]}- خارجاً عن صناعتهم عرفوا أنه ليس من السحر ألبتّة ، روي أن رئيسهم قال : كُنَّا نغلِبُ الناسَ بالسحر ، وكانت ( الآلات ){[25570]} تبقى علينا ، فلو كان هذا سحراً فأيْنَ ما ألقيناه ؟ فاستدل بتغير أحوال الأجسام على الصانع القادر العالم ، وبظهوره{[25571]} على يد موسى - عليه السلام{[25572]}- على كونه رسولاً صادقاً من عند الله فلا جرم تابوا وآمنوا وأتوا بما هو النهاية في الخضوع وهو السجود . قال الأخفش : إنهم في سرعة ما سجدوا كأنهم خروا . قال الزمخشري : ما أعجب أمرهم قد ألقوا حبالهم{[25573]} للكفر والحجود ، ثم ألقوا رؤوسهم بعد ساعة للشكر والسجود ، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين . روي أنهم لم يرفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة ، والنار ، ورأوا ثواب أهلها ، وعن عكرمة : لما خروا سُجَّداً أراهم الله في سجودهم منازلهم التي يصيرون إليها في الجنة{[25574]} .
قال القاضي : هذا بعيد ، لأنهم لو أراهم عياناً لصاروا ملجئين ، وذلك لا يليق به{[25575]} قولهم : { إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا{[25576]} لِيَغْفِرَ لَنَا }{[25577]} .
وأجيب : أنه{[25578]} لما جاز لإبراهيم{[25579]} مع{[25580]} قطعه بكونه مغفوراً له أن يقول{[25581]} : { والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي }{[25582]} فلم لا يجوز في حق السحرة{[25583]} ؟
قوله : { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وموسى }{[25584]} احتج التعليمية{[25585]} بهذه الآية وقالوا{[25586]} : إنَّهم آمَنُوا بالله الذي عرفوه من{[25587]} قِبَل هارون وموسى ، وفي الآية فائدتان :
الفائدة{[25588]} الأولى : أنَّ فرعون ادَّعى الربوبية في قوله : { أَنَا رَبُّكُمْ }{[25589]} . والإلهية في قوله : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي }{[25590]} فلو{[25591]} قالوا : آمَنَّا بربِّ العالمين ، لكان فرعون يقول : إنهم آمنوا بي لا بغيري ، فلقطع هذه التهمة اختاروا هذه العبارة ، ويدل عليه تقديمهم ذكر هارون على مُوسى ، لأن فرعون كان يدعي ربوبية موسى ( بناء على أنه ربَّاه ){[25592]} ، وقال : { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً }{[25593]} فالقوم لما احترزوا على إيهامات ( فرعون قدموا ذكر هارون على موسى قطعاً لهذا الخيال .
الفائدة الثالثة : هي أنهم لما شاهدوا ){[25594]} ما خصهما الله تعالى به من المعجزات العظيمة{[25595]} والدرجات الشريفة قالوا : { رَبِّ هَارُونَ وموسى }{[25596]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.