اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ} (16)

قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض } الآية . اعلم أنه{[27947]} لما بين إهلاك القرية لأجل تكذيبهم أتبعه بما يدل على أنه فعل ذلك عدلاً منه ، ومجازاة على ما فعلوا فقال : { وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } أي : وما سوينا هذا السقف المرفوع ، وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من العجائب والغرائب كما سوى الجبابرة سقوفهم وفرشهم للعب واللهو ، وإنما سويناهم لفوائد دينية ودنيوية . أما الدينية فليتفكر{[27948]} المكلفون فيها على ما قال : { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأرض }{[27949]} . وأما الدنيوية فلما يتعلق بها من المنافع التي لا تعد ولا تحصى ، وهو كقوله : { وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً }{[27950]} وقوله : { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بالحق }{[27951]} . وقيل : وجه النظم أن الغر منه تقرير نبوة محمد -عليه السلام{[27952]}- والرد على منكريه ، لأنه أظهر المعجز عليه ، فإن كان محمد كاذباً كان إظهار المعجز عليه من باب اللعب ، وذلك منفي عنه ، وإن كان صادقاً فهو المطلوب وحينئذ يفسد كل ما ذكروه من المطاعن{[27953]} و «لاعبين » حال من فاعل «خلقنا »{[27954]} .

فصل

قال القاضي عبد الجبار : دلَّت هذه الآية على أن اللعب ليس من قبله تعالى ، إذ لو{[27955]} كان كذلك لكان لاعباً ، فإن اللاعب في اللغة اسم لفاعل اللعب ، فنفي الاسم الموضوع لفعل يقتضي{[27956]} نفي الفعل . والجواب يبطل ذلك بمسألة الداعي ، وقد تقدم{[27957]} .


[27947]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/147.
[27948]:في الأصل: فليتفكروا.
[27949]:[آل عمران: 191].
[27950]:[ص: 27].
[27951]:من قوله تعالى: {ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون} [الدخان: 39].
[27952]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[27953]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/147.
[27954]:انظر التبيان 2/913.
[27955]:في ب: فلو.
[27956]:في ب: مقتضى.
[27957]:الفخر الرازي 22/147.