قوله{[27927]} : { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } اسم «زالت » «تلك » و «دعواهم » الخبر هذا هو الصواب{[27928]} . وقد قال الحوفي والزمخشري وأبو البقاء : يجوز العكس{[27929]} ، وهو مردود بأنه إذا أخفي الإعراب مع استوائهما في المسوغ لكون كل منهما اسماً أو خبراً ، وجب جعل المتقدم اسماً والمتأخر خبراً ، وهو من باب ضرب موسى عيسى{[27930]} وتقدم إيضاح هذا في أول سورة الأعراف{[27931]} فليلتفت إليه . و «تلك » إشارة إلى الجملة المقولة{[27932]} . قال الزمخشري : «تلك » إشارة إلى «يَا وَيْلَنَا » لأنها دعوى ، كأنه قيل : فما زالت تلك الدعوى دعواهم ، والدعوى بمعنى الدعوة ، قال تعالى : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين }{[27933]} {[27934]} . وسميت دعوى ، لأنهم كانوا دعوا بالويل فقالوا : «يا ويلنا » . قال المفسرون : لم يزالون يكررون هذه الكلمة فلم ينفعهم ذلك كقوله : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا }{[27935]} {[27936]} . «حتى جعلناهم حصيدا » الحصيد : الزرع المحصود ، أي جعلناهم مثل الحصيد ، شبههم في استئصالهم به ، كما تقول : جعلناهم رماداً أي : مثل الرماد{[27937]} قوله : «حَصِيداً » مفعول ثان ، لأن الجعل هنا تصيير{[27938]} . فإن قيل : كيف ينصب «جعل » ثلاثة مفاعيل ؟ فالجواب أن «حصيداً » و «خامدين » يجوز أن يكون من باب حلو حامض{[27939]} ، كأنه قيل : جعلناهم جامعين بين الوصفين جميعاً{[27940]} . ويجوز أن يكون «خامدين » حالاً من الضمير في «جَعَلْنَاهُمْ »{[27941]} ، أو من الضمير المستكن في «حَصِيداً » فإنه في معنى محصود . ويجوز أن يكون في باب ما تعدد فيه الخبر نحو : «زيد كاتب شاعر »{[27942]} . وجوَّز أبو البقاء فيه أيضاً أن يكون صفة ل «حصيدا » ، وحصيد بمعنى محصود كما تقدم فلذلك لم يجمع{[27943]} . وقال أبو البقاء : والتقدير : مثل حصيد فلذلك لم يجمع كما لم يجمع «مثل » المقدر{[27944]} انتهى .
وإذا كان بمعنى محصودين{[27945]} فلا حاجة ، والمعنى : أنهم هلكوا بذلك العذاب حتى لم يبق حس ولا حركة ، وجفوا كما يجف الحصيد وخمدوا كما تخمد النار{[27946]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.