قوله : «قَوْمَ فِرْعَوْنَ » . بدل{[36899]} أو عطف بيان ل «القَوْمَ الظَّالِمِينَ »{[36900]} . وقال أبو البقاء : إنه مفعول ( تَتَّقُونَ ) على قراءة من قرأ ( تَتَّقُونَ ) بالخطاب وفتح النون{[36901]} ، كما سيأتي . ويجوز على هذه القراءة أن يكون منادى{[36902]} . قوله : «أَلاَ يَتَّقُونَ » . العامة على الياء في «يَتَّقُونَ » وفتح النون ، والمراد قوم فرعون ، والمفعول محذوف ، أي : يتقون عقابي ، [ وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار ، وحماد{[36903]} ، وشقيق بن سلمة{[36904]} بالتاء من فوق{[36905]} على الالتفات ، خاطبهم بذلك توبيخاً ]{[36906]} {[36907]} والتقدير : يا قوم فرعون{[36908]} .
وقرأ بعضهم : «يَتَّقُونِ » بالياء من تحت ، وكسر النون{[36909]} ، وفيها تخريجان :
أحدهما : أن «يَتَّقُونِ » مضارع ، ومفعوله ياء المتكلم اجتزئ عنها بالكسرة{[36910]} .
والثاني : جوَّزه الزمخشري ، أن تكون «يا » للنداء ، و «اتَّقُونِ » فعل أمر ، كقوله : { أَلاَّ يَسْجُدُوا للَّهِ }{[36911]} أي : يا قوم اتقون{[36912]} ، أو يا ناس اتقون . وسيأتي تحقيق مثل هذا في السورة تحتها{[36913]} . وهذا تخريج بعيد{[36914]} .
أحدهما : أنها مستأنفة لا محل لها من الإعراب{[36915]} .
وجوّز الزمخشري أَن تكون حالاً من الضمير في «الظَّالِمِينَ » أي : يظلمون غير متَّقين اللَّهَ وعقابَه ، فأُدخلت همزةُ الإنكار على الحال{[36916]} . وخطأه أبو حيان من وجهين :
أحدهما : أنه يلزم عنه الفصل بين الحال وعاملها بأجنبي منهما ، فإن أعرب «قَوْمَ فِرْعَوْنَ » عطف بيان ل «القَوْمَ الظَّالمينَ » .
والثاني : أنه على تقدير تسليم ذلك لا يجوز أيضاً ؛ لأن ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها ، قال : وقولك : ( جئتُ أمسرعاً ){[36917]} ، إن جعلت ( مسرعاً ) معمولاً ل ( جئت ) لم يجز ، فإن أضمرت عاملاً جاز{[36918]} . والظاهر أن «أَلاَ » للعرض{[36919]} .
وقال الزمخشري : إنها ( لا ) النافية ، دخلت عليها همزة الإنكار{[36920]} . وقيل : هي للتنبيه{[36921]} .
فصل{[36922]} :
قوله{[36923]} : { وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى } حين رأى الشجرة والنار { أَنِ ائت القوم الظالمين } أي : الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية ، فحكم عليهم بالظلم من وجهين :
والثاني : ظلمهم بني إسرائيل{[36924]} باستعبادهم وسومهم سوء العذاب{[36925]} . «قَوْمَ فِرْعَوْنَ » عطف «قَوْمَ فِرْعَوْنَ » على «القَوْمَ الظَّالِمينَ » فهما يدلان لفظاً على معنى واحد{[36926]} . «أَلاَ يَتَّقُونَ » أي : يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته . ومن قرأ «تَتَّقُونَ » بالخطاب{[36927]} فعلى الإلتفات إليهم وصرف{[36928]} وجوههم بالإنكار والغضب عليهم ، كمن يشكو من جناية والجاني حاضر ، فإذا اندفع في الشكاية ، وحمي غضبه قطع بأنه يخاطب صاحبه ، وأقبل على الجاني يوبخه ويعنفه ويقول له : ألم تتق الله ؟ ألم تستحي من الناس ؟ فإن قيل : فما الفائدة في هذا الالتفات والخطاب مع موسى - عليه السلام{[36929]} - في وقت المناجاة ، والملتفت إليهم غائبون لا يشعرون ؟ . قلنا : أجري ذلك في تكليم المرسل{[36930]} إليهم معنى إجرائه بحضرتهم وإلقائه إلى مسامعهم ، لأنه مبلغهم{[36931]} ، وله فيه لطف وحث على زيادة التقوى ، وكم من آية نزلت في الكافرين وفيها أوفر نصيب للمؤمنين تدبراً بها ، واعتباراً بمواردها{[36932]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.