قوله : { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } لما عاتبوا إبراهيمَ على كسر الأصنام ذكر لهم الدليل الدال على فساد عبادتها فقال : { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ( * ) والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } ووجه الاستدلال : أن الخشب والحجر قبل النحت والإصلاح ما كان معبوداً البتة فإذا نحته وشكله على الوجه المخصوص لم يحدث فيه الآثار تصرفه فلو صار معبوداً عند ذلك لكان معناه أن الشيء الذي لم يكن معبوداً إذا حصلت آثارُ تَصَرُّفَاتِهِ{[47236]} فيه صار معبوداً ( إلى{[47237]} ( ذلك ) ) ، وفساد ذلك معلوم ببديهة العقل .
قوله : { وَمَا تَعْمَلُون } في «ما » هذه أربعة أوجه :
أجودها : أنها بمعنى الذي أي وخلق الذي تصنعونه{[47238]} ، فالعمل هنا التصوير والنحت نحو : عمل الصانع السِّوار الذي صَاغَه . ويرجح كونها بمعنى الذي تقدم «ما » قبلها فإنها بمعنى الذي أي أتعبدون الذي تنحتون والله خلقكم وخلق الذي تعملون ( ه ){[47239]} بالنحت . {[47240]}
والثاني : أنها مصدرية أي خلقكم وأعمالكم{[47241]} ، وجعلها الأشعريَّة دليلاً على خلق أفعال العباد لله تعالى وهو الحق ، إلا أن دليل ذلك من هنا غير قوي لما تقدم من ظهور كونها بمعنى الذي{[47242]} ، وقال مكي : يجب أن تكون ما والفعل مصدراً جيء به ليفيد أن الله خالقُ الأشياء كلها . وقال أيضاً : وهذا أليق لقوله : { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } [ الفلق : 2 ] أجمع القراء على الإضافة فدل على أنه خالق الشر . وقد فَارَقَ عمرو بنُ عُبَيد{[47243]} الناس فقرأ مِنْ شَرِّ بالتنوين{[47244]} ليثبت مع الله خالقين{[47245]} ، وشنع الزمخشري على القائل هنا بكونها مصدريةً .
والثالث : أنها استفهامية{[47246]} وهو استفهام توبيخ ، أي : ( و ) أيُّ شَيْءٍ تَعْمَلُونَ ؟
الرابع : أنها نافية{[47236]} ، أي أن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم ( لا ){[47237]} تعملون شيئاً ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.