اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (39)

قوله : { فَإِنَّ الجحيم هِيَ المأوى } إمَّا هي المأوى له ، أو هي مأواه ، وقامت «أل » مقام الضمير ، وهو رأي الكوفيين وقد تقدم تحقيق هذا والرد على قائله ، خلافاً للبصريين ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]

5106- رَحيبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيقَةٌ *** بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ{[59317]}

إذ لو كانت «أل » عوضاً من الضمير لما جمع بينهما في هذا البيت ، ولا بُدَّ من أحد هذين التأويلين في الآية الكريمة لأجل العائد من الجملة الواقعة خبراً للمبتدأ ، والذي حسَّن عدم ذكر العائد كون الكلمة{[59318]} وقعت رأس فاصلة .

وقال الزمخشري{[59319]} «فإن الجحيم مأواهُ ، كما تقول للرجل : غُضَّ الطَّرف ، تريد طرفك ، وليس الألف و «اللام » بدلاً من الإضافة ، ولكن لما علم أنَّ الطَّاغي هو صاحب المأوى ، وأنَّه لا يغُضُّ طرف غيره تركت الإضافة ، ودخول الألف واللام في «المأوى » والطرف ، للتعريف ؛ لأنهما معروفان » .

قال أبو حيان{[59320]} : «وهو كلام لا يتحصَّل منه الرابط العائد على المبتدأ ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين ، ولم يقدّر ضميراً محذوفاً ضميراً كما قدَّره البصريون ، فرام حصول الرابط بلا رابط » .

قال شهابُ الدِّين{[59321]} : «ولكن لما علم إلى آخره ، هو عين قول البصريين ، ولا أدري كيف خفي عليه هذا » .


[59317]:تقدم.
[59318]:في ب: الآية.
[59319]:ينظر: الكشاف 4/698.
[59320]:ينظر: البحر المحيط 8/415.
[59321]:ينظر: الدر المصون 6/476.