اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ} (19)

و«أهْديكَ إلى ربِّك فتَخْشَى » أي : تخافُه وتتقيه{[59279]} .

قال ابن الخطيب{[59280]} : سائر الآيات تدل على أنه - تعالى - لمَّا نادى موسى - عليه الصلاة والسلام - ذكر له أشياء كثيرة ، كقوله تعالى في سورة «طه » : { نُودِيَ يا موسى إني أَنَاْ رَبُّكَ } [ طه : 11 ، 12 ] إلى قوله : { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكبرى اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى } [ طه : 23 ، 24 ] .

فدلَّ [ قوله تعالى - هاهنا - : «اذْهَبْ إلى فِرعَوْنَ إنَّه طَغَى » ]{[59281]} أنه من جملة ما ناداه به [ لا كل ما ناداه به ]{[59282]} ، وأيضاً فليس الغرض أنَّه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى فرعون فقط بل إلى كل من كان في الطور ، إلاَّ أنَّه خصَّه بالذكر ، لأن دعوته جاريةٌ مجرى دعوةِ كُلِّ القَوْمِ .

فصل في كلام المعتزلة

تمسَّك المعتزلة{[59283]} بهذه الآية في إبطال القول بأن الله - تعالى - يخلق فعل العبد ، فإن هذا استفهام على سبيل التقرير ، أي : لك سبيل إلى أن تزكَّى ، ولو كان ذلك بفعل الله - تعالى - لانقلب الكلام حجةً على موسى .

والجواب : ما تقدَّم في نظائره .

حكى القرطبيُّ{[59284]} عن صخرِ بنِ جويرية قال : «لمَّا بعث الله تعالى موسى - عليه الصلاة والسلام - إلى فرعون ، قال له : «اذْهَبْ إلى فِرْعَونَ » إلى قوله : «وأهْديكَ إلى ربِّك فتَخْشَى » ، ولن يفعل ، فقال : يا رب ، وكيف أذهب إليه ، وقد علمت أنه لا يفعل ، فأوحى الله - تعالى - إليه أن امض إلى ما أمرتَ به ، فإنَّ في السماء اثني عشر ألف ملك ، يطلبون علم القدرة ، فلم يبلغوه ، ولم يدركوه » .


[59279]:ينظر المصدر السابق، وقد روي معناه عن عكرمة ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/513)، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
[59280]:ينظر: الفخر الرازي 31/36.
[59281]:سقط منك أ.
[59282]:سقط من: أ.
[59283]:ينظر: الفخر الرازي 31/37.
[59284]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 19/131.