تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{۞وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۖ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا تَرَٰضَيۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِيضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (24)

{ والمحصنات } ذوات الأزواج . { إلا ما ملكت أيمانكم } بالسبي ، لما سبى الرسول صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس ، قالوا : كيف نقع على نساء قد عرفنا أزواجهن فنزلت أو { المحصنات } ذوات الأزواج { إلا ما ملكت أيمانكم } إذا اشترى الأمة بطل نكاحها وحلت للمشتري قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو المحصنات العفائف ، { إلا ما ملكت أيمانكم } بعقد نكاح ، أو ملك ، أو نزلت في مهاجرات تزوجهن المسلمون ، ثم قدم أزواجهن مهاجرين فنهي المسلمون عن نكاحهن ، والإحصان : من المنع ، حصن البلد لمنعه من العدو ، ودرع حصينة : منيعة ، وفرس حصان : لامتناع راكبه من الهلاك ، وامرأة حصان : لامتناعها عن الفاحشة . { كتاب الله } الزموا كتاب الله ، أو حرم ذلك كتاباً من الله ، أو كتاب الله قيم عليكم فيما تحرمونه وتحلونه . { ما وراء ذلكم } ما دون الخمس ، أو ما دون ذوات المحارم ، أو مما وراءه مما ملكت أيمانكم . { أن تبتغوا } تلتمسوا بأموالكم بشراء ، أو صداق . { مسافحين } زناة ، السفح : من الصب ، سفح الدمع : صبه ، وسفح الجبل : أسفله لانصباب الماء فيه .

{ فما استمتعتم } قلت تكون ' ما ' ها هنا بمعنى 'من' ، فما نكحتم منهن فجامعتموهن ، أو المتعة المؤجلة ، كان أُبي وابن عباس يقرآن { فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى } . { أجورهن } الصداق . { فريضة } أي معلومة .

{ فيما تراضيتم به } من تنقيص أو إبراء عند إعسار الزوج ، أو فيما زدتموه في أجل المتعة بعد انقضاء مدتها وفي أجرتها قبل استبرائهن أرحامهن ، أو لا جناح عليكم فيما دفعتموه وتراضيتم به أن يعود إليكم تراضياً .

{ كان عليماً } ، بالأشياء قبل خلقها . { حكيماً } في تدبيره لها ، قال سيبويه : ' " لما شاهدوا علماً وحكمة قيل لهم : إنه كان كذلك لم يزل " ، أو الخبر عن الماضي يقوم مقام الخبر عن المستقبل قاله الكوفيون .