فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۖ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا تَرَٰضَيۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِيضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (24)

{ والمحصنات من النساء } وحرم الله عليكم أن تتزوجوا امرأة في عصمة زوجها ، { إلا ما ملكت أيمانكم } أي : إلا أن تكون امرأة كافرة قد وقعت في الأسر إذ قاتلهم المسلمون فإنها وإن كانت ذات زوج إلا أنها بقسم الإمام تصبح مملوكة لمن قسمت له فيحل له أن يستمتع بها بملك اليمين بعد أن يستبرئها ؛ والاستبراء تربص مقداره نصف عدة الحرة فيما يتنصف ليعلم أنها ليست بذات حمل من زوجها الأول ؛ في 0صحيح مسلم( {[1350]} ) أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابو سبيا يوم أوطاس لهن أزواج من أهل الشرك ، فكان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا وتأثموا من غشيانهن ، قال : فنزلت هذه الآية في ذلك( {[1351]} ) ؛ { كتاب الله عليكم } أي : هذا التحريم كتاب كتبه الله عليكم ؛ { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين } وسائر النساء بعد من ذكر يحل لنا أن نطلبهن بأموالنا قاصدين التعفف عن الزنى ؛ ويلحق بمن ذكرن في هذه الآيات المحكمات مَن حرمهن الله تعالى بوحيه الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم فيضم إلى المذكورات ، فبذلك أمرنا : ( . . وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . . ) ( {[1352]} ) ؛ روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها " ؛ -أباح الله تعالى الفروج بالأموال ، . . . ، وجماعة أهل الحديث من أهل المدينة وغيرها ، كلهم أجازوا الصداق بقليل المال وكثيره ، . . . ، { فما استمتعتم به منهم فآتوهن أجورهن فريضة } الاستمتاع : التلذذ ؛ والأجور : المهور ، . . . . . ، فإذا جامعها مرة واحدة فقد وجب المهر كاملا إن كان مسمى ، أو مهر مثلها إن لم يسم ، . . { فريضة } نصب على المصدر في موضع الحال ، أي : مفروضة ؛ . . { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } أي من زيادة أو نقصان في المهر ؛ فإن ذلك سائغ عند التراضي بعد استقرار الفريضة-( {[1353]} ) ؛ { إن الله كان عليما حكيما } . ( إن الله كان ذا علم بما يصلحكم أيها الناس في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه ، بما يدبر لكم ولهم من التدبير ، وفيما يأمركم وينهاكم ، لا يدخل حكمته خلل ولا زلل ) ( {[1354]} ) .


[1350]:رواه أبو سعيد الخدري.
[1351]:وفي رواية له عن أبي سعيد كذلك مرفوعا:" لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض.
[1352]:من سورة الحشر. من الآية 7.
[1353]:من الجامع لأحكام القرآن.
[1354]:من جامع البيان.