أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{۞وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۖ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا تَرَٰضَيۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِيضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (24)

شرح الكلمات :

{ المحصنات } : جمع محصنة والمراد بها هنا المتزوجة .

{ إلا ما ملكت إيمانكم } : المملوك بالسبي والشراء ونحوهما .

{ ما وراء ذلكم } : أي ما عداه أي ما عدا ما حرم عليكم .

{ غير مسافحين } : المسافح : الزاني ، لأن السفاح هو الزنى .

{ أجورهن فريضة } : مهورهن نحلة .

المعنى :

ما زال السياق في بيان ما يحرم من النكاح وما يجوز ففي الآية الأولى ( 24 ) عطف تعالى على المحرمات في المصاهرة المرأة المتزوجة فقال { والمحصنات } أي ذوات الأزواج فلا يحل نكاحهن إلا بعد مفارقة الزوج بطلاق أو وفاة ، وبعد انقضاء العدة أيضاً واستثنى تعالى من المتزوجات المملوكة باليمين وهي المرأة تسبى في الحرب الشرعية وهي الجهاد في سبيل الله فهذه من الجائز أن يكون زوجها لم يمت في الحرب وبما أن صلتها قد انقطعت بدار الحرب وبزوجها وأهلها وأصبحت مملوكة أذن الله تعالى رحمة بها في نكاحها ممن ملكها من المؤمنين .

ولذا ورد أن الآية نزلت في سبايا أوطاس وهي وقعت كانت بعد موقعة حنين فسبي فيها المسلمون النساء والذراري ، فتحرّج المؤمنون في غشي أن أولئك النسوة ومنهن المتزوجات فإذن لهم غشيانهنّ بعد أن تسلم إحداهن وتستبرأ بحيضة ، أما قبل إسلامها فلا تحل لأنها مشركة ، هذا معنى قوله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم } وقوله : { كتاب الله عليكم } يريد ما حرمه تعالى من المناكح قد كتبه على المسلمين كتاباً وفرضه فرضاً لا يجوز إهماله أو التهاون به . فكتابَ الله منصوب على المصدرية .

وقوله تعالى : { وأحل الله لكم ما وراء ذلكم } أي ما بعد الذي حرمه من المحرمات بالنسب وبالرضاع وبالمصاهرة على شرط أن لا يزيد المرء على أربع كما هو ظاهر قوله تعالى في أول السورة { مثنى وثلاث ورباع } وقوله تعالى { أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين } أي لا حرج عليكم أن تطلبوا بأموالكم من النساء غير ما حرّم عليكم فتتزوجوا ما طاب لكم حال كونكم محصنين غير مسافحين ، وذلك بأن يتم النكاح بشروطه من الولي والصداق والصيغة والشهود ، إذ أن نكاحاً يتم بغير هذه الشروط فهو السفاح أي الزنى وقوله تعالى { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } يريد تعالى : أيما رجل تزوج امرأة قبل البناء فليس لها إلا نصف المهر المسمى ، و أن لم يكن قد سمى لها فليس لها إلا المتعة ، فالمراد من قوله { فما استمتعتم به منهن } أي بنيتم بهن ودخلتم عليهن . وقوله تعالى : { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } يريد إذا أعطى الرجل زوجته ما استحل به فرجها وهو المهر كاملاً فليس عليهما بعد ذلك من حرج في أن تسقط المرأة من مهرها لزوجها ، أو تؤجله أو تهبه كله له أو بعضه إذ ذاك لها وهي صاحبته كما تقدم { فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً } [ النساء/4 ] .

وقوله تعالى : { أن الله كان عليماً حكيماً } المراد منه إفهام المؤمنين بأن الله تعالى عليم بأحوالهم حكيم في تشريعه لهم فليأخذوا بشرعه ورخصه وعزائمه فإنه مراعى فيه الرحمة والعدل ، ولنعم تشريع يقوم على أساس الرحمة والعدل .

هذا ما تضمنته الآية الأولى ( 24 ) .

الهداية :

من الهداية :

- تحريم المرأة المتزوجة حتى يفارقها زوجها بطلاق أو موت وحتى تنقضي عدتها .

- جواز نكاح المملوكة باليمين و أن كان زوجها حيّاً في دار الحرب إذا أسلمت ، لأن الإِسلام فصل بينهما .

- وجوب المهور ، وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها شيئاً .