مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا} (5)

ثم قال : { فإذا جاء وعد أولاهما } يعني أولى المرتين : { بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد } والمعنى : أنه إذا جاء وعد الفساق في المرة الأولى أرسلنا عليكم قوما أولى بأس شديد ، ونجدة وشدة ، والبأس : القتال ، ومنه قوله تعالى : { وحين البأس } ومعنى { بعثنا عليكم } أرسلنا عليكم ، وخلينا بينكم وبينهم خاذلين إياكم ، واختلفوا في أن هؤلاء العباد من هم ؟ قيل : إن بني إسرائيل تعظموا وتكبروا واستحلوا المحارم وقتلوا الأنبياء وسفكوا الدماء ، وذلك أول الفسادين فسلط الله عليهم بختنصر ، فقتل منهم أربعين ألفا ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرض نفسه فبقوا هناك في الذل إلى أن قيض الله ملكا آخر غزا أهل بابل واتفق أن تزوج بامرأة من بني إسرائيل فطلبت تلك المرأة من ذلك الملك أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل ، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا ،

فهو قوله : { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } .

والقول الثاني : إن المراد من قوله : { بعثنا عليكم عبادا لنا } أن الله تعالى سلط عليهم جالوت حتى أهلكهم وأبادهم .