{ فإذا جاء وعد أولاهما } أي : أولى مرّتي الفساد وهو الوقت الذي جدّدنا لهم الانتقام فيه { بعثنا عليكم عباداً لنا } أي : لا يدان لكم بهم كما قال تعالى : { أولي بأس شديد } أي : أصحاب قوّة في الحرب . واختلف فيهم فقال في «الكشاف » : سنحارب وجنوده ، وقيل بختنصر . وقال ابن عباس : جالوت قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخرّبوا المساجد وسبوا منهم سبعين ألفاً . وقال البيضاوي : عباداً لنا بختنصر عامل لهراسف على بابل وجنوده ، وقيل : جالوت الحزري وهو بحاء فزاي : مفتوحتين فراء نسبة إلى الحزر وهو ضيق العين وصغرها ، وهو الذي قتله داود أو جيل من الناس . وذكر الرازي في ذلك قولين : الأوّل : أنّ الله تعالى سلط عليهم بختنصر فقتل منهم أربعين ألفاً ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرض نفسه ، فبقوا هناك في الذل . الثاني : أنّ الله تعالى ألقى الرعب من بني إسرائيل في قلوب المجوس ، فلما كثرت المعاصي فيهم أزال الله ذلك الرعب عن قلوب المجوس فقصدوهم وبالغوا في قتلهم وإفنائهم وإهلاكهم . وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : أفسدوا المرّة الأولى ، فأرسل الله عليهم جالوت فقتلهم وأفسدوا المرّة الثانية فقتلوا يحيى بن زكريا فبعث الله عليهم بختنصر . وعن ابن مسعود قال : كان أوّل الفساد من قتل زكريا فبعث الله عليهم ملك القبط . وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : الأولى قتل زكريا والأخرى قتل يحيى . قاله الرازي . واعلم أنه لا يتعلق كثير غرض في معرفة أولئك الأقوام بأعيانهم بل المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي سلط الله عليهم أقواماً فقتلوهم وأفنوهم .
ثم قال الله تعالى : { فجاسوا } أي : تردّدوا لطلبكم { خلال الديار } أي : وسطها للقتل والغارة . قال البيضاوي : فقتلوا كبارهم وسبوا صغارهم وحرّقوا التوراة وخرّبوا المسجد ، والمعتزلة لما منعوا تسليط الله الكافر على ذلك أولوا البعث بالتخلية انتهى . وفي ذلك تعريض بالزمخشري فإنه قال في «كشافه » : فإن قلت كيف جاز أن يبعث الله تعالى الكفرة على ذلك ويسلطهم عليه . قلت : معناه خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم على أنّ الله عز وجل أسند بعث الكفرة عليهم إلى نفسه فهو كقوله تعالى : { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون } [ الأنعام ، 129 ] . { وكان } أي : ذلك البعث ووعد العقاب به { وعداً مفعولاً } أي : قضاء كائناً لازماً لا شك في وقوعه ولا بدّ أن يفعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.