فأتى مجالسهم فسمعهم يقولون : لو علم عدونا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا ، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم واشتد القيام على الجيش فرجعوا فذلك قوله : { فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد } الآية [ 5 ] : ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط فأصابوا منهم فاستنفدوا{[40392]} ما في أيديهم ، فذلك قوله : { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } الآية [ 6 ]{[40393]} . و " نفيرا{[40394]} " معناه عددا{[40395]} .
وقال ابن زيد : كان إفسادهم الأول{[40396]} قتل زكرياء{[40397]} ، والثاني قتل يحيي{[40398]} . فسلط الله عليهم سابور{[40399]} ذا{[40400]} الاكتاف ، وهو ملك من ملوك فارس ، في قتل زكرياء ، وسلط عليهم بختنصر في قتل يحيي{[40401]} .
وقال قتادة : بعث عليهم أول مرة جالوت والثانية بختنصر{[40402]} .
ومعنى قوله : { فإذا جاء وعد أولاهما } [ 5 ] أي : أول{[40403]} المرتين اللتين{[40404]} قضينا إلى بني إسرائيل ، أي أو [ ل ]{[40405]} . الفسادين{[40406]} .
وقوله : { فجاسوا خلال الديار } [ 5 ] .
{[40407]}أي : ترددوا بين الدور والمساكن وذهبوا وجاءوا{[40408]} .
وقال ابن عباس{[40409]} : " جاسوا " مشوا{[40410]} . وقال الزجاج : الجوس طلب الشيء باستقصاء{[40411]} . فمعناه : طلبوا هل يجدون أحدا .
وقال بعض أهل اللغة : معنى " جاسوا " قتلوا{[40412]} .
وقوله : { كان وعدا مفعولا } [ 5 ] .
أي : كان جوس القوم خلال ديار بني إسرائيل وعدا من الله [ عز وجل ]{[40413]} ، لا يخلف . قال ابن عباس وقتادة : أتاهم في المرة الأولى جالوت فجاس خلال ديار بني إسرائيل وضرب عليهم الخراج والذل . فسألوا الله [ عز وجل ]{[40414]} أن يبعث إليهم ملكا يقاتلون في سبيل الله . فبعث الله{[40415]} طالوت . فقاتلوا جالوت ، فنصره الله ، وقتل جالوت ، على يدي داوود{[40416]} ورد الله [ عز وجل ]{[40417]} إلى بني إسرائيل ملكهم{[40418]} .
وعن مجاهد أنه قال : جاءهم بختنصر في أول مرة من جهة فارس فهزمهم بنو{[40419]} إسرائيل ، ثم رجعوا ثانية فقتلوا بني إسرائيل ودمر[ و{[40420]} ] هم تدميرا ، وجلوهم عن بيت المقدس فلم يصلوا إلى دخوله سبعين سنة .
وروي عن مجاهد أنه قال : إنما جاءهم في أول مرة قوم من أهل فارس معهم بختنصر يتجسسون أخبارهم ثم رجعت فارس وقد وعى بختنصر أخبارهم دون أصحابه ، ولم يكن قتال{[40421]} .
وقيل : إنما جاءهم في المرة الأولى ، أي : بختنصر ومن معه من جبابرة فارس ، بعثه الله نقمة لهم حين أفسدوا وقتلوا يحيي بن زكرياء{[40422]} . ويروى : أن يحيي كان قد قال لهم : إياكم أن يقع من دمي شيء في الأرض فتهلك بنو{[40423]} إسرائيل . فذبحوه واحتفظوا بدمه ، فجعلوه في طست من ذهب . فوقعت منه نقطة في الأرض/فما{[40424]} زالت تفور وتغلي حتى هجم{[40425]} عليهم بختنصر{[40426]} .
فيروى{[40427]} : أنه ذبح على ذلك الدم سبعين ألفا من بني إسرائيل ، فهذا الدم . وسبى بني إسرائيل حتى سبى أبناءهم وخرج بهم إلى أرض العراق .
ويروى : أن الفساد الثاني الذي ارتكب بنو إسرائيل هو قتلهم زكرياء ويحيي عليهم السلام{[40428]} بعد أن أقاموا في الدعة والسلامة عشرين ومائتي سنة . فأرسل عليهم من قتلهم وسباهم ، وحرق بيت المقدس وأخرجه . فلم يزل الذين ظهروا عليهم ببيت المقدس حتى فتحه الله عز وجل في زمان عمر رضي الله عنه وفيه الروم فقتلوا وأخرجوا منه إلى الآن لا يدخلونه{[40429]} إلا مستخفين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.