وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة أنه قال : أما المرة الأولى فسلط الله عليهم جالوت ، حتى بعث الله طالوت ، ومعه داود ، فقتله داود . ثم رُدَّت الكرة لبني إسرائيل . ثم جاء وعد الآخرة من المرتين { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاًّنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا } [ الإسراء : 7 ] أي : يقبحوا وجوهكم ، وليدمروا تدميراً ، وهو بُخْتَنَصَّر . وإن عدتم عدنا . فعادوا ، فبعث الله عليهم محمداً صلى الله عليه وسلم ، فهم يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : وَعْدُ أُولاهُمَا جاءتهم فارس معهم بختنصر ، ثم رجعت فارس يعني : أهل فارس ولم يكن قتال ، ونصرت بنو إسرائيل عليهم . فذلك وعد الأولى . فإذا جاء وَعْدُ الآخرة ، جاءهم بختنصر ، ودمر عليهم .
وروى أسباط عن السدي ، أن وعد الأولى كان ملك النبط ، فجاسوا خلال الديار . ثم إن بني إسرائيل تجهزوا ، وغزوا النبط ، فأصابوا منهم ، واستنقذوا ما في أيديهم ، فردت الكرة عليهم . وكان بختنصر في ذلك الوقت يتيماً في ذلك العسكر ، وخرج ليسأل شيئاً . فلما رأى كبر جمع الجيوش ، وجاء بهم ، وخوفهم ، وخرب البلدة .
قال القتبي : إن بختنصر غزاهم ، فرغبوا إلى الله ، وتابوا ، فردَّ الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة ، وجالوا في أسواقها ، ثم أحدثوا ، فبعث الله إليهم أرميا النبي عليه السلام فقام فيهم بوحي الله ، فضربوه ، وقيدوه ، وحبسوه ، فبعث الله تعالى إليهم عند ذلك بختنصر ، ففعل ما فعل .
وقال الكلبي : لما عصوا الله ، وهو أول الفسادين ، سلط الله عليهم بختنصر ، خرج من بابل فأتاهم بالشام ، وظهر على بيت المقدس ، فقتل منهم أربعين ألفاً ممن كان يقرأ التوراة ، وأدخل بقيتهم أرضه . فمكثوا كذلك سبعين سنة حتى مات ثم إن رجلاً من أهل همدان يقال له : كورش غزا أهل بابل ، فظهر عليهم ، وسكن الدار ، وتزوج امرأة من بني إسرائيل ، وطلبت إلى زوجها أن يرد قومها إلى أرضهم ، ففعل ، فردهم إلى أرض بيت المقدس ، فمكثوا فيها ، فرجعوا إلى أحسن ما كانوا عليه . ثم عادوا فعصوا المرة الثانية ، فسلط الله عليهم ملكاً من ملوك الروم يقال له : إسبسيانوس ، فحاصرهم سنين ثم مات . فبعث الله عليهم ابنه ططيوس بن إسبسيانوس ، فحاصرهم سنين . ثم فتحها بعد ذلك ، فقتل منهم مائة ألف ، وثمانين ألفاً حتى قتل يحيى بن زكريا ، وحبس منهم مثل ذلك ، وخرب بيت المقدس فلم يزل خراباً حتى بناه المؤمنون في زمن عمر رضي الله عنه . فذلك قوله : { فَإِذَا جَآء وَعْدُ أولاهما } يقول : أول الفسادين { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ } أي : سلطنا عليكم { عِبَادًا لَّنَا أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } يعني : ذوي قتال شديد { فَجَاسُواْ خلال الديار } يقول : قتلوكم وسط الأزقة . وقال القتبي { فَجَاسُواْ } أي : عاثوا ، وأفسدوا . ويكون جاسوا بمعنى دخلوا بالفساد { وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً } يعني : كائناً لئن فعلتم ، لأفعلن بكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.