فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا} (5)

{ فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ( 5 ) }

{ فَإِذَا جَاء وَعْدُ } أي وقت وعد { أُولاهُمَا } أولى المرتين المذكورتين والمراد بالوعد الوعيد والمراد بالوعيد المتوعد به أي حان وقت حلول العقاب الموعود به { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي قوة في الحروب وبطش عند اللقاء قيل هو بختنصر وجنوده وقيل جالوت وقيل جند من فارس وقيل جند من بابل وقيل هو سنحاريب من أهل نينوى فقتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخربوا المساجد وسبوا منهم سبعين ألفا .

{ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ } أي عاثوا وترددوا يقال جاسوا وهاسوا وداسوا بمعنى ذكره عزيز والقتيبي ، قال الزجاج : معناه طافوا هل بقي أحد لم يقتلوه قال : والجوس طلب الشيء باستقصاء ، قال الجوهري : الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار أي تخللوها كما يجوس الرجل للأخبار أي يطلبها وكذا قال أبو عبيدة .

وقال ابن جرير : ومعنى جاسوا طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين ، وقال الفراء : معناه قتلوهم بين بيوتهم ، وقال قرطب : معناه نزلوا ، وقرأ ابن عباس فحاسوا بالحاء المهملة ، قال أبو زيد : الحوس والجوس والعوس والهوس الطوف بالليل ، وقيل الطوف بالليل هو الحوسان محركا كذا قال أبو عبيدة ، وقال ابن عباس : جاسوا مشوا ومعنى خلال الديار وسط الديار فهو على هذا اسم مفرد بمعنى الوسط ويؤيده قراءة الحسن خلل الديار ، والثاني جمع خلل بفتحتين كجبل وجبال وجمل وجمال قاله السمين .

{ وَكَانَ } ذلك { وَعْدًا مَّفْعُولاً } أي كائنا لا محالة لازما لا خلف فيه