إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا} (5)

{ فَإِذَا جاء وَعْدُ أولاهما } أي أولى كرَّتَي الإفساد ، أي حان وقتُ حلولِ العقاب الموعود { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ } لمؤاخذتكم بجناياتكم { عِبَادًا لَّنَا } وقرئ عبيداً لنا { أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } ذوي قوةٍ وبطش في الحروب ، هم سنحاريبُ من أهل نينوى وجنودُه ، وقيل : بُخْتَ نَصَّرُ عامل لهراسبَ ، وقيل : جالوت { فَجَاسُواْ } أي تردّدوا لطلبكم بالفساد ، وقرئ بالحال والمعنى واحد ، وقرئ وجوسوا { خلال الديار } في أوساطها للقتل والغارة ، وقرئ خِلَلَ الديار فقتلوا علماءَهم وكبارَهم وأحرقوا التوراةَ وخربوا المسجد وسبَوْا منهم سبعين ألفاً ، وذلك من قبيل تولية بعضِ الظالمين بعضاً مما جرت به السنةُ الإلهية { وَكَانَ } ذلك { وَعْدًا مَّفْعُولاً } لا محالة بحيث لا صارفَ عنه ولا مبدِّلَ .