الآية 29 : وقوله تعالى : { ليقضوا /348-أ/ تفثهم } قال بعض أهل الأدب : التفث لا يعرف في لسان العرب . ما يراد به .
وقال الحسن : التفث في الأصل هو التقشف ، وهو ترك الزينة . يدل على ذلك ما روي أنه سئل عن الحاج ، فقال : ( كل أشعت تفل ) [ بنحوه الترمذي 2998 ] .
وقال أبو عوسجة : التفث في الأصل الوسخ ؛ يقال : امرأة تَفِثَةُ إذا كانت خبيثة الريح ، وهو قريب مما قال الحسن : إنه ترك الزينة .
وأهل التأويل يقولون : التفث هو حلق الرأس وقص الأظافر والشارب والرمي والذبح ونحوه .
وقال بعضهم : { ثم ليقضوا تفثهم } المناسك كلها .
ورُوي في الخبر : ( من وقف من عرفة بليل ، ووصل معنا الجمع ، فقد تم حجه ، وقضي تفثه ) [ أبو دود 1949 ] ظاهر : قضي تفثه ، أي نُسُكُهُ .
وجائز أن يكون قوله : ( وقضي تفثه ) أي جاء وقت الزينة ، وهو وقت الحلق واللباس ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وليوفوا نذورهم } أي ليوفوا ذبح ما أوجبوا ذبحه . ذكر مما ساق من الهدي لمتعته ولحجته الأكل منه قوله : { فكلوا منها } ولم يذكر الأكل مما أوجب بالنذر . فكذلك يقول أصحابنا : إنه يجوز التناول من هدي المتعة والقران ، ولا يجوز التناول مما كان وجوبه بالنذر والكفارة . بل عليه أن يتصدق بالكل ، وهو ما قال : { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } [ البقرة : 196 ] والله أعلم .
[ وقوله تعالى ] {[13018]} : { وليطوفوا بالبيت العتيق } هو طواف الزيارة ، وهو طواف يوم النحر ، وهو الفرض عندنا .
ولا يحتمل ما قال بعض الناس : إنه طواف الصدر لأن الله تعالى قال : { ولله على الناس حج البيت } [ آل عمران : 97 ] وحج البيت هو الطواف بالبيت ، لا غير . وطواف الدخول وطواف الصدر ، ليس على أهل مكة ذانك{[13019]} الطوافان ، وعليهم الحج كما كان على غيرهم من الناس . فدل ما ذكرنا على أن قوله : { وليطوفوا بالبيت العتيق } هو طواف الزيارة ، وهو حج البيت الذي قال الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت } وقوله تعالى : { بالبيت العتيق } قال بعضهم : سماه عتيقا لأنه أعتقه الله عن الجبابرة عن أن يتجبروا عليه . وكم من جبار قد صار إليه ليهدمه ، فمنعه الله عن ذلك .
وقال بعضهم : سماه عتيقا لأنه يرفع إلى السماء الرابعة ، فذلك المرفوع ، هو البيت العتيق .
والبيت العتيق عندنا ، هو الذي بناه إبراهيم ، صلوات الله عليه ، وأسَّسَهُ . ويكون قوله : { وليطوفوا بالبيت العتيق } الذي أسس إبراهيم لا البيت الحادث الذي أسس الناس .
ألا ترى أنه رُوَيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة : ( لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام وإلا رددت البيت على أساس إبراهيم ، وجعلت له بابين : بابا يدخل فيه ، وبابا يخرج منه ) ؟ [ بنحوه البخاري 1586 ] .
وروي في بعض الأخبار [ خبر ] {[13020]} يرويه عبد الله بن الزبير ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار ) [ الترمذي 3170 ] فإن ثبت هذا فهو هو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.