قوله : { ثُمَّ ليَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } . العامة على كسر اللام ، وهي لام الأمر . وقرأ نافع والكوفيون والبزي بسكونها{[30989]} ، إجراء للمنفصل مجرى المتصل نحو كتف ، وهو نظير تسكين هاء ( هو ) بعد ( ثُمَّ ) في قراءة الكسائي وقالون حيث أجريت ( ثُمَّ ) مجرى الواو والفاء{[30990]} والتَّفَث : قيل أصله من التف{[30991]} . وهو وسخ{[30992]} الأظفار قلبت الفاء ثاء{[30993]} كمعثور في معفور{[30994]} . وقيل : هو الوسخ{[30995]} والقذر يقال : ما تفثك . وحكى قطرب : تفث الرجل ، أي : كثر وسخه في سفره{[30996]} . قال الزجاج{[30997]} : إن أهل اللغة لا يعرفون التّفَث إلا من التفسير{[30998]} . وقال المبرد : أصل{[30999]} التفث في كلام العرب كل قاذورة تلحق الإنسان فيجب عليه نقضها . وقال القفال : قال نفطويه{[31000]} : سألت أعرابياً فصيحاً ما معنى قوله : { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } ، فقال : ما أفسر القرآن ، ولكنا نقول للرجل : ما أتفثك ، أي : أوسخك وما أدرنك{[31001]} . ثم قال القفال{[31002]} : وهذا أولى من قول الزجاج لأن القول قول المثبت لا قول النافي{[31003]} . والمراد بالتفث هنا{[31004]} : الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار والشعث والحاج أشعث أغبر ، والمراد قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة . والمراد بالقضاء إزالة ذلك ، والمراد به الخروج من الإحرام بالحلق وقص الشارب والتنظيف ولبس الثياب{[31005]} . وقال ابن عمر{[31006]} وابن عباس{[31007]} : قضاء التفث مناسك الحج كلها . وقال مجاهد : هو مناسك الحج وأخذ الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقلم الأظفار . وقيل : التفث هنا رمي الجمار{[31008]} . وقيل : معنى «لِيَقْضُوا تَفَثَهُم » ليصنعوا{[31009]} ما يصنعه المحرم من إزالة شعر وشعث ونحوهما عند حله ، وفي ضمن هذا قضاء جميع المناسك إذ لا يفعل هذا إلا بعد فعل المناسك كلها {[31010]} .
قوله : «وَليُوفُوا » . قرأ أبو بكر «وَليُوفُّوا » بالتشديد ، والباقون بالتخفيف {[31011]} . وتقدّم في البقرة أن فيه ثلاث لغات وَفّى ، وَوفَى ، وأَوْفَى{[31012]} . وقرأ ابن ذكوان : «ولِيوفوا » بكسر اللام ، والباقون بسكونها . وهذا الخلاف جار في قوله «وَلِيَطَّوَّفُوا »{[31013]} . والمراد بالوفاء ما أوجبه بالنذر ، وقيل : ما أوجبه الدخول في الحج من المناسك{[31014]} . قال مجاهد : أراد نذر الحج والهدي ، وما ينذره الإنسان من شيء يكون في الحج{[31015]} . وقيل : المراد الوفاء بالنذر مطلقاً{[31016]} وقوله : «وَلِيَطَّوَّفُوا » المراد الطواف الواجب ، وهو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق{[31017]} وسمي البيت العتيق قال الحسن : القديم لأنه أول بيت وضع للناس{[31018]} . وقال ابن عباس وابن الزبير : لأنه أُعْتِقَ من الجبابرة{[31019]} ، فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله ، ولما قصده أبرهة فُعِل به ما فعل . فإن قيل : قد تسلَّط الحجاج عليه ؟
فالجواب : أنه ما قصد التسلط على البيت وإنما تحصّن به عبد الله بن الزبير فاحتال لإخراجه ثم بناه{[31020]} وقال ابن عيينة : لم يُمْلك قط{[31021]} . وقال مجاهد : أعتق من الغرق{[31022]} .
وقيل : لأنه بيت كريمٌ من قولهم : عِتاق الخيل والطير{[31023]} .
فصل{[31024]}
والطواف ثلاثة{[31025]} أطواف :
الأول : طواف القدوم وهو أن من قدم مكة يطوف بالبيت سبعاً ، يرمل ثلاثاً من الحجر الأسود إلى أن ينتهي إليه ، ويمشي أربعاً وهذا الطواف سنة لا شيء على تاركه .
والثاني : طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق ، ويسمى أيضاً طواف الزيارة وطواف الصدر ، وهو واجب لا يحصل التحلل من الإحرام ما لم يأت به .
والثالث : طواف الوداع لا رخصة لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر في أن يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعاً ، فمن تركه فعليه دم إلا الحائض والنفساء ، فلا وداع عليهما لما روى ابن عباس قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه أرخص للمرأة الحائض . والرمل يختص بطواف القدوم ، ولا رمل في طواف الإفاضة والوداع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.