الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (29)

قوله : { ثُمَّ لْيَقْضُواْ } : العامَّةُ على كسرِ اللامِ وهي لامُ الأمرِ . وقرأ نافع والكوفيون والبزي بسكونِها إجراءً للمنفصلِ مُجْرى المتصل نحو " كَتْف " وهو نظيرُ تسكينِ هاء " هو " بعد " ثُمَّ " في قراءةِ الكسائي وقالون حيث أُجْرِيَتْ " ثُمَّ " مُجْرَى الواو والفاء .

والتَّفَثُ قيل : أصلُه مِنْ التَّفِّ وهو وَسَخُ الأظفارِ ، قُلِبَت الفاءُ ثاءً ك مُغْثُور في مُغْفُور . وقيل : هو الوسخُ والقَذَرُ يقال : ما تَفَثُكَ ؟ وحكى قطرب : تَفِثَ الرجلُ أي : كَثُرَ وسخُه في سَفَره . ومعنى " ليقْضُوا تَفَثَهم " : ليصنعوا ما يصنعه المُحْرِمُ مِنْ إزالةِ شعرٍ وشَعْثٍ ونحوِهما عند حِلِّه ، وفي ضمن هذا قضاءُ جميعِ المناسك ، إذ لا يُفعل هذا إلاَّ بعد فِعْل المناسِك كلِّها .

قوله : { وَلْيُوفُواْ } قرأ أبو بكر " وليُوَفُّوا " بالتشديد . والباقون بالتخفيف . وقد تقدم في البقرة أن فيه ثلاث لغاتٍ : وَفَى ووفَّى وأَوْفَى . وقرأ بن ذكوان " ولِيُوْفوا " بكسر اللام ، والباقون بسكونها ، وكذلك هذا الخلاف جارٍ في قوله : { وَلْيَطَّوَّفُواْ } .