النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ} (29)

قوله عز وجل : { ثُمَّ لْيَقْضَوا تَفَثَهُمْ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : مناسك الحج ، وهو قول ابن عباس وابن عمر .

والثاني : حلق الرأس وهو قول قتادة ، قال أمية بن أبي الصلت .

حفوا رؤوسهم لم يحلقوا تفثاً{[2017]} *** . . . . . . . . . . . . . .

والثالث : رمي الجمار ، وهو قول مجاهد .

والرابع : إزالة قشف الإِحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال الطيب ، وهو قول الحسن .

وقيل لبعض الصلحاء : ما المعنى في شعث المحرم ؟ قال : ليشهد الله تعالى منك الإِعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته .

وسئل الحسن عن التجرد في الحج فقال : جرّد قلبك من السهو ، ونفسك من اللهو ، ولسانك من اللغو ، ثم يجوز كيف شئت .

وقال الشاعر :

قضوا تفثاً ونحباً ثم ساروا *** إلى نجدٍ وما انتظروا علياً

{ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ } وهو تأدية ما نذروه في حجهم من نحر أو غيره .

{ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } يعني طواف الإِفاضة ، وهو الواجب في الحج والعمرة ، ولا يجوز في الحج إلا بعد عرفة ، وإن جاز السعي .

وفي تسمية البيت عتيقاً أربعة أوجه :

أحدها : أن الله أعتقه من الجبابرة ، وهو قول ابن عباس .

الثاني : لأنه عتيق لم يملكه أحد من الناس ، وهو قول مجاهد .

والثالث : لأنه أعتق من الغرق في الطوفان ، وهذا قول ابن زيد{[2018]} .


[2017]:عجزه: ولم يسلوا لهم قملا وصئبانا.
[2018]:لم يذكر الوجه الرابع، وقد ذكر القرطبي هذه الوجوه، ومنها أنه سمي عقيقا لأن الله يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب.