مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

ثم قال : { ليميز الله الخبيث من الطيب } وفيه قولان :

القول الأول : ليميز الله الفريق الخبيث من الكفار من الفريق الطيب من المؤمنين فيجعل الفريق الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا وهو عبارة عن الجمع والضم حتى يتراكموا كقوله تعالى : { كادوا يكونون عليه لبدا } يعني لفرط ازدحامهم فقوله : { أولئك } إشارة إلى الفريق الخبيث .

والقول الثاني : المراد بالخبيث نفقة الكافر على عداوة محمد ، وبالطيب نفقة المؤمن في جهاد الكفار ، كإنفاق أبي بكر وعثمان في نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام فيضم تعالى تلك الأمور الخبيثة بعضها إلى بعض فيلقيها في جهنم ويعذبهم بها كقوله تعالى : { فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } واللام في قوله : { ليميز الله الخبيث } على القول الأول متعلق بقوله : { يحشرون } والمعنى أنهم يحشرون ليميز الله الفريق الخبيث من الفريق الطيب ، وعلى القول الثاني متعلق بقوله : { ثم تكون عليهم حسرة } ثم قال : { أولئك هم الخاسرون } وهو إشارة إلى الذين كفروا .