السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

{ ليميز الله الخبيث } أي : الفريق الكافر { من الطيب } أي : من الفريق المؤمن { ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً } أي : يجمعه متراكماً بعضه على بعض كقوله تعالى : { كادوا يكونون عليه لبداً } ( الجن ، 19 )

أي : لفرط ازدحامهم ، وقيل : ليميز المال الخبيث الذي أنفقه الكافر على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم من المال الطيب الذي أنفقه المؤمن في جهاد الكفار كإنفاق أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما في نصرة النبيّ صلى الله عليه وسلم فيركمه جميعاً { فيجعله في جهنم } في جملة ما يعذبون به كقوله تعالى : { فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } ( التوبة ، 35 )

الآية ، واللام على هذا متعلقة بتكون من قوله تعالى : { ثم تكون عليهم حسرة } وعلى الأوّل متعلقة بيحشرون أو يغلبون .

وقرأ { ليميز } حمزة والكسائيّ بضم الياء الأولى وفتح الميم وتشديد الياء الثانية مع الكسر والباقون بفتح الياء الأولى وكسر الميم وسكون الياء الثانية ، وقوله تعالى : { أولئك } إشارة إلى الذين كفروا { هم الخاسرون } أي : الكاملون في الخسران ؛ لأنهم خسروا أنفسهم وأموالهم .