إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

{ لِيَمِيزَ الله الخبيث مِنَ الطيب } أي الكافر من المؤمن ، أو الفسادَ من الصلاح واللامُ متعلقةٌ بيحشرون أو بيغلبون أو ما أنفقه المشركون في عداوته صلى الله عليه وسلم مما أنفقه المسلمون في نُصرته واللامُ متعلقةٌ بقوله : ثم تكون عليهم حسرةً وقرىء ليُميِّز بالتشديد { وَيَجْعَلَ الخبيث بَعْضَهُ على بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } أي يضم بعضَه إلى بعض حتى يتراكموا لفرط ازدحامِهم فيجمعه أو يضم إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابَه كما للكافرين { فَيَجْعَلَهُ في جَهَنَّمَ } كلَّه .

{ أولئك } إشارةٌ إلى الخبيث إذ هو عبارةٌ عن الفريق أو إلى المنفقين ، وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد درجتِهم في الخبث { هُمُ الخاسرون } الكاملون في الخسران لأنهم خسِروا أنفسَهم وأموالَهم .