نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

ولما ذكر حشر الكافرين ذكر{[34969]} علته فقال معلقاً بيحشرون : { ليميز الله } أي الذي له صفات الكمال بذلك الحشر { الخبيث من الطيب } أي إنما جعل للكفار داراً تخصهم ويخصونها لإظهار العدل والفضل بأن يميز الكافر من المؤمن فجعل لكل دار يتميز بها عدلاً في الكافرين وفضلاً على المؤمنين ، فيجعل الطيب في مكان واسع حسن { ويجعل الخبيث } أي الفريق المتصف بهذا الوصف { بعضه على بعض } والركم : جمع الشيء بعضه فوق بعض ، فكأن قوله : { فيركمه جميعاً } عطف تفسير يؤكد الذي قبله في إرادة الحقيقة مع إفهام شدة الاتصال{[34970]} حتى يصير الكل كالشيء الواحد كالسحاب المركوم ، والنتيجة قوله : { فيجعله في جهنم } أي دار الضيق والغم والتجهم والهم .

ولما كان هذا أمراً لا فلاح معه ، استأنف قوله جامعاً تصريحاً بالعموم : { أولئك } أي البعداء البغضاء الذين أفهمهم اسم الجنس في الخبيث { هم الخاسرون* } أي خاصة لتناهي خسرانهم ، لأنهم اشتروا بأموالهم إهلاك أنفسهم {[34971]}بذلك الحشر{[34972]} .


[34969]:في ظ: دلت.
[34970]:في ظ: الانفصال.
[34971]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[34972]:سقط ما بين الرقمين من ظ.