الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

وقوله سبحانه : { لِيَمِيزَ الله الخبيث مِنَ الطيب } [ الأنفال : 37 ] .

وقرأ حمزة والكسائيُّ : «لِيُمَيِّزَ اللَّهُ » بضم الياءِ ، وفتحِ الميم ، وشدِّ الياء ، قال ابن عباس وغيره : المعنى ب { الخبيث } : الكفَّارُ ، وب { الطيب } المؤمنون ، وقال ابْنُ سَلاَّم والزَّجَّاج : { الخبيث } : ما أنفقه المشركون في الصَّدِّ عن سبيل اللَّه ، و{ الطيب } : هو ما أنفقه المؤمنون في سبيل اللَّهِ .

قال ( ع ) : رُوِيَ عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ اللَّه سبحانه يُخْرِجُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَالِ مَا كَانَ صَدَقَةً أَوْ قُرْبَةً ، ثُمَّ يأْمُرُ بِسَائِرِ ذَلِكَ ، فيلقى فِي النَّارِ ) وعلى التأويلين : فقوله سبحانه : { وَيَجْعَلَ الخبيث بَعْضَهُ على بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } إِنما هي عبارةٌ عن جَمْع ذلك ، وضَمه ، وتأليف أشتاته ، وتكاثُفِه بالاجتماع ، ويَرْكُمُهُ ؛ في كلام العرب : يُكَثِّفه ؛ ومنه { سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } [ الطور : 44 ] وعبارة البخاريِّ : فيركمه : فَيَجْمَعه . انتهى .