فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (37)

ثم بين العلة التي لأجلها فعل بهم ما فعل فقال : { ليميز الله الخبيث } وهم الكافرون { من الطيب } وهم المؤمنون ، قال ابن عباس : يميز أهل السعادة من أهل الشقاوة ، وقيل العمل الخبيث من العمل الطيب ، وقيل الإنفاق في طريق الشيطان وسبيل الرحمن ، وقيل الخبيث والطيب صفة للمال ، والتقدير { ليميز المال الخبيث الذي أنفقه المشركون في عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، من الطيب الذي أنفقه المسلمون في نصرته صلى الله عليه وسلم ، فيضم تلك الأموال الخبيثة بعضها إلى بعض فيلقيها في جهنم ويعذبهم بها ، كما في قوله تعالى : { فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } .

قال في الكشاف : واللام على هذا متعلقة بقوله : ثم تكون عليهم حسرة ، وعلى الأول بيحشرون ، انتهى . وعن شمر بن عطية قال : يميز يوم القيامة ما كان من عمل صالح في الدنيا ثم تؤخذ الدنيا بأسرها فتلقى في جهنم .

{ ويجعل الخبيث } أي يجعل فريق الكفار الخبيث { بعضه على بعض } أي فوق بعض { فيركمه } الركوم عبارة عن الجمع والضم ، أي يجمع بعضهم إلى بعض ويضم بعضهم إلى بعض حتى يتراكموا لفرط ازدحامهم ، يقال ركم الشيء يركمه إذا جمعه وألقى بعضه على بعضه ، وبابه نصر ، وارتكم الشيء وتراكم اجتمع والركام الرمل المتراكم والسحاب ونحوه .

{ جميعا } حال من الهاء في يركمه أو توكيد لها { فيجعله } أي الخبيث فيه مراعاة اللفظ { في جهنم أولئك } أي الفريق الخبيث { هم الخاسرون } أي الكاملون في الخسران ، فيه مراعاة المعنى لأن الضمير راجع على الخبيث .