روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

{ إِن تَكْفُرُواْ } به تعالى مع مشاهدة ما ذكر من موجبات الإيمان والشكر { فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنكُمْ } أي فأخبركم أنه عز وجل غنى عن إيمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } لما فيه من الضرر عليهم { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ } أي الشكر { لَكُمْ } لما فيه من نفعكم ، ومن قال بالحسن والقبح العقليين قال : عدم الرضا بالكفر لقبحه العقلي والرضا بالشكر لحسنه العقلي ، والرضا إما بمعنى المحبة أو بمعنى الإرادة مع ترك الاعتراض ويقابلة السخط كما في «شرح المسايرة » فعباده على ظاهره من العموم ، ومنهم من فسره بالإرادة من غير قيد ويقابله الكره وهؤلاء يقولون قد يرضى بالكفر أي يريده لبعض الناس كالكفرة ونقله السخاوي عن النووي في كتابه «الأصول والضوابط » . وابن الهمام عن الأشعري . وإمام الحرمين كذا قاله الحفاجي في حواشيه على تفسير البيضاوي . والذي رأيته في الضوابط وهي نسخة صغيرة جداً ما نصه مسألة مذهب أهل الحق الإيمان بالقدر وإثباته وأن جميع الكائنات خيرها وشرها بقضاء الله تعالى وقدره وهو مريد لها كلها ويكره المعاصي مع أنه سبحانه مريد لها لحكمة يعلمها جلا وعلا ، وهل يقال إنه تعالى يرضي المعاصي ويحبها فيه مذهبان لأصحابنا المتكلمين حكاهما إمام الحرمين وغيره ، قال إمام الحرمين في الإرشاد : مما اختلف فيه أهل الحق إطلاق المحبة والرضاء ، فقال بعض أصحابنا لا يطلق القول بأن الله تعالى يحب المعاصي ويرضاها لقوله تعالى : { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } ومن حقق من أتنا لم يلتفت إلى تهويل المعتزلة بل قال الله تعالى يريد الكفر ويحبه ويرضاه والإرادة والمحبة والرضا بمعنى واحد قال : والمراد بعباده في الآية الموفقون للإيمان وأضيفوا إلى الله تعالى تشريفاً لهم كما في قوله تعالى : { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله } [ الإنسان : 6 ] أي خواصهم لأكلهم اه فلا تغفل عن الفرق بينه وبين ما ذكره الخفاجي ، وحكى تخصيص العباد في البحر عن ابن عباس .

وقيل يجوز مع ذلك حمل العباد على العموم ويكون المعنى ولا يرضى لجميع عباده الكفر بل يرضاه ويريده لبعضهم نظير قوله تعالى : { لاَّ تُدْرِكُهُ الابصار } [ الأنعام : 103 ] على قول ، ولعلامة الأعصار صاحب الكشف تحقيق نفيس في هذا المقام لم أره لغيره من العلماء الأعلام وهو أن الرضا يقابل السخط وقد يستعمل بعن والباء ويعدي بنفسه فإذا قلت : رضيت عن فلان فإنما يدخل على العين لا المعنى ولكن باعتبار صدور معنى منه يوجب الرضا في مقابلة سخطت عليه وبينهما فرقان أنك إذا قلت : رضيت عن فلان بإحسانه لم يتعين الباء للسببية بل جاز أن يكون صلة مثله في رضيت بقضاء الله تعالى وإذا قلت : سخطت عليه بإساءته تعين السببية فكان الأصل ههنا ذكر الصلة لكنه كثر الحذف في الاستعمال بخلافه ثمت إذ لا حذف ، وإذا قيل : رضيت به فهذا يجب دخوله على المعنى إلا إذا دخل على الذات تمهيداً للمعنى ليكون أبلغ تقول : رضيت بقضاء الله تعالى ورضيت بالله عز وجل ربا وقاضياً ، وقريب منه سمعت حديث فلان وسمعته يتحدث وإذا عدى بنفسه جاز دخوله على الذات كقولك : رضيت زيداً وإن كان باعتبار المعنى تنبيهاً على أن كله مرضى بتلك الخصلة وفيه مبالغة وجاز دخوله على المعنى كقولك : رضيت إمارة فلان ، والأول أكثر استعمالاً وهو على نحو قولهم : حمدت زيداً وحمدت علمه ، وأما إذا استعمل باللام تعدى بنفسه كقولك رضيت لك هذا فمعناه ما سيجيء إن شاء الله تعالى قريباً ، وإذا تمهد هذا لاح لك أن الرضا في الأصل متعلقة المعنى وقد يكون الذات باعتبار تعلقه بالمعنى أو باعتبار التمهيد فهذه ثلاثة أقسام حققت بأمثلتها وأنه في الحقيقة حالة نفسانية تعقب حصول ملائم مع ابتهاج به واكتفاء فهو غير الإرادة بالضرورة لأنها تسبق الفعل وهذا يعقبه ، وهذا المعنى في غير المستعمل باللام من الوضوح بمكان لا يخفى على ذي عينين ، وأما فيه فإنما اشتبه الأمر لأنك إذا قلت : رضيت لك التجارة فالمراضي بالتجارة هو مخاطبك وإنما أنت بينت له أن التجارة مما يحق أن يرضى به وليس المعنى رضيت بتجارتك بل المعنى استحمادك التجارة له فالملاءمة ههنا بين الواقع عليه الفعل والداخل عليه اللام ثم إنه قد يرضى بما ترضاه له إذا عرف وجه الملاءمة وقد لا يرضى ، وفيه نجوز إما لجعل الرضا مجازاً عن الاستحماد لأن كل مرضى محمود أو لأنك جعلت كونه مرضياً له بمنزلة كونه مرضياً لك فاعلم أن الرضا في حق الله تعالى شأنه محال لأنه سبحانه لا يحدث له صفة عقيب أمر البتة فهو مجاز كما أن الغضب كذلك إما من أسماء الصفات إذا فسر بإرادة أن يثيبهم إثابة من رضي عمن تحت يده وإما من أسماء الأفعال إذا أريد الاستحماد وأن مثل قوله تعالى : { رَّضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } [ المائدة : 119 ] إما من باب المشاكلة وإما من باب المجاز المذكور ، وأن مثل قوله سبحانه : { وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسلام دِيناً } [ المائدة : 3 ] متعين أن يكون من ذلك الباب بالنسبة إلى من يصح اتصافه بالرضا حقيقة أيضاً فإذن قوله تعالى : { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } كلام وارد على نهجه من غير تأويل دال على أنه جل شأنه لا يستحمد الكفر لعباده كما يستحمد الاسلام لهم ويرتضيه ، وأما أنه لا يرد الكفر أن يوجد فليس من هذا الباب في شيء ولا هو من مقتضيات هذا التركيب وأن الخروج إلى تخصيص العباد من ضيق العطن وأن قول المحققين رضي الله تعالى عنهم : إن الطاعات برضى الله تعالى والمعاصي ليست كذلك ليس لهذه الآية بل لأن الرضا بالمعنى الأصلي يستحيل عليه تعالى وقد أخبر أنه رضي عن المؤمنين بسبب طاعتهم في مواضع عديدة من كتابه الكريم .

والزمخشري عامله الله تعالى بعدله فسر الرضا في نحوه بالاختيار وهو لا ينفك عن الإرادة ، وأنت تعلم سقوطه مما حقق هذا ثم إنا نقول : لما أرشد سبحانه إلى الحق وهدد على الباطل إكمالاً للرحمة على عباده كلهم الفريقين بقوله تعالى : { إن تكفروا } إلى قوله سبحانه { يَرْضَهُ لَكُمْ } تنبيهاً على الغني الذاتي وأنه سبحانه تعالى أن يكون أمره بالخير لانتفاعه به ونهيه عن الشر لتضرره منه ، ثم في العدول عن مقتضى الظاهر من الخطاب إلى قوله تعالى : { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } ما ينبه على أن عبوديتهم وربوبيته جل شأنه يقتضي أن لا يرضى لهم ذلك ، وفيه أنهم إذا اتصفوا بالكفر فكأنهم قد خرجوا عن رتبة عبوديته تعالى وبقوا في الذل الدائم ثم قيل { يَرْضَهُ لَكُمْ } للتنبيه على مزيد الاختصاص فهذا هو النظم السري الذي يحاردون إدراك طائفة من لطائفة الفكر البشري والله تعالى أعلم اه . وهو كلام رصين وبالقبول قمين إلا أنه ربما يقال إنه : لا يتمشى على مذهب السلف حيث أنهم لا يؤولون الرضا في حقه تعالى وكونه عبارة عن حالة نفسانية إلى آخر ما ذكر في تفسيره إنما هو فينا وحيث أنه ذاته تعالى مباينة لسائر الذوات فصفاته سبحانه كذلك فحقيقة الرضا في حقه تعالى مباينة لحقيقته فينا وأين التراب من رب الأرباب ، وقد تقدم الكلام في هذا المقام على وجه يروي الأوام ويبرئ السقام فنقول عمد التأويل لا يضر فيما نحن بصدده فالرضا ان أول أو لم يؤول غير الإرادة لحديث السبق والتأخر الساق ، وممن صرح بذلك ابن عطية قال : تأمل الإرادة فإن حقيقتها إنما هي فيما لم يقع بعد والرضا حقيقته إنما هي فيما وقع واعتبر هذا في آيات القرآن تجده وإن كانت العرب قد تستعمل في أشعارها على جهة التجوز هذا بدل هذا .

وقد ذهب إلى المغايرة بينهما بما ذكر هنا ابن المنير أيضاً إلا أنه أول الرضا وذكر أنه لا يتأتى حمله في الآية على الإرادة وشنع على الزمخشري في ذلك جزاء ما تكلم على بعض أهل السنة المخالفين للمعتزلة في زعمهم اتحاد الرضا والإرادة وأنه تعالى قد يريد ما لا يفعله العبد وقد يفعل العبد ما لا يريده عز وجل فقال : هب أن المصر على هذا المعتقد على قلبه رين أو في ميزان عقله غين اليس يدعى أو يدعي له أنه الخريت في معابر العبارات فكيف هام عن جادة الإجادة في بهماء وأعار منادي الحذاقة أذنا صماء اللهم إلا أن يكون الهوى إذا تمكن أرى الباطل حقاً وغطى على مكشوف العبارة فسحقا سحقاً أليس مقتضى العربية فضلاً عن القوانين العقلية أن المشروط مرتب على الشرط فلا يتصور وجود المشروط قبل الشرط عقلاً ولا مضيه واستقبال الشرط لغة ونقلاً واستقر باتفاق الفريقين أهل السنة وأهل البدعة أن إرادة الله تعالى لشكر العباد مثلاً مقدمة على وجود الشكر منهم فحينئذ كيف ينساغ حمل الرضا على الإرادة وقد جعل في الآية مشروطاً وجزاء وجعل وقوع الشكر شرطاً ومجزيا واللازم من ذلك عقلاً تقدم المراد وهو الشكر على الإرادة وهي الرضا ولغة تقدم المشروط على الشرط فإذا ثبت بطلان حمل الرضا على الإرادة عقلاً ونقلاً تعين المحمل الصحيح له وهو المجازاة على الشكر بما عهد أن يجازي به المرضى عنه من الثواب والكرامة فيكون معنى الآية والله تعالى أعلم وان تشكروا يجازكم على شكركم جزاء المرضى عنه ، ولا شك أن المجازاة مستقبلة بالنسبة إلى الشكر فجري الشرط والجزاء على مقتضاهما لغة وانتظم ذلك بمقتضى الأدلة العقلية على بطلان تقدم المراد على الإرادة عقلاً ، ومثل هذا يقال في قوله تعالى : { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } أي لا يجازي الكافر مجازاة المرضى عنه بل مجازاة المغضوب عليه من النكال والعقوبة انتهى .

لا يقال : حيث كان قوله تعالى : { فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنكُمْ } جزاء باعتبار الأخبار كما أشير إليه فيما سلف فليكن قوله تعالى { يَرْضَهُ لَكُمْ } جزاء بذلك الاعتبار فحينئذ لا يلزم أن يكون نفس الرضا مؤخراً لأنا نقول : مثل هذا الاعتبار شائع في الجملة الاسمية المتحقق مضمونها قبل الشرط نحو { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ على كُلّ شَىْء قَدُيرٌ } [ الأنعام : 17 ] وفي الفعل الماضي إذا وقع جزاء نحو { إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } [ يوسف : 77 ] وأما في الفعل المضارع فليس كذلك والذوق السليم يأبى هذا الاعتبار فيه ومع هذا أي حاجة تدعو إلى ذلك هنا ولا أراها إلا نصرة الباطل والعياذ بالله تعالى ، ثم أنه يعلم من مجموع ما قدمنا حقية ما قالوا من أنه لا تلازم بين الإرادة والرضا كما أن الرضا ليس عبارة عن حقيقة الإرادة لكن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم قسما الإرادة إلى قسمين تكوينية وشرعية ، وذكراً أن المعاصي كالكفر وغيره واقعة بإرادة الله تعالى التكوينية دون إرادته سبحانه الشرعية وعلى هذا فالرضا لا ينفك عن الإرادة الشرعية فكل مراد لله تعالى بالإرادة الشرعية مرضى له سبحانه وهذا التقسيم لا أتعقله إلا أن تكون الإرادة الشرعية هي الإرادة التي يرتضي المراد بها فتدبر هذا ، وقرأ ابن كثير . ونافع في رواية ، وأبو عمرو . والكسائي { يَرْضَهُ } باشباع ضمة الهاء ، والقاعدة في أشباع الهاء وعدمه أنها إن سكن ما قبلها لم تشبع نحو عليه وإليه وإن تحرك أشبعت نحو به وغلامه وههنا قبلها ساكن تقديراً وهو الألف المحذوفة للجازم فإن جعلت موجودة حكماً لم تشبع كما في قراءة ابن عامر .

وحفص وإن قطع النظر عنها أشبعت كما في قراءة من سمعت وهذا هو الفصيح وقد تشبه وتختلس في غير ذلك وقد يحسن أشباعها مع فقد الشرط لنكتة ، وقرأ أبو بكر { يَرْضَهُ } بسكون الهاء ولم يرضه أبو حاتم وقال : هو غلط لا يجوز ، وفيه أنه لغة لبني كلاب ، وبني عقيل إجراء للوصول مجرى الوقف .

{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } بيان لعدم سراية كفر الكافر إلى غيره ، وقد تقدم الكلام في هذه الجملة وكذا في قوله تعالى : { ثُمَّ إلى رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } فتذكر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول لكفار مكة: {إن تكفروا} بتوحيد الله.

{فإن الله غني عنكم} عن عبادتكم.

{ولا يرضى لعباده الكفر} الذين قال عز وجل عنهم لإبليس: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الحجر:42]

{وإن تشكروا} يعني توحدوا الله.

{يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى}: لا تحمل نفس خطيئة أخرى.

{ثم إلى ربكم مرجعكم} في الآخرة {فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"إنْ تَكْفُرُوا فإنّ اللّهَ غَنيّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لعِبادِهِ الكُفْرَ"؛

فقال بعضهم: ذلك لخاص من الناس، ومعناه: إن تكفروا أيها المشركون بالله، فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر... وقال آخرون: بل ذلك عام لجميع الناس، ومعناه: أيها الناس إن تكفروا، فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لكم أن تكفروا به.

والصواب من القول في ذلك ما قال الله جلّ وعزّ: إن تكفروا بالله أيها الكفار به، فإنه غنيّ عن إيمانكم وعبادتكم إياه، ولا يرضى لعباده الكفر، بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به...

وقوله: "وَإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ": يقول: وإن تؤمنوا بربكم وتطيعوه يرض شكركم له، وذلك هو إيمانهم به وطاعتهم إياه، فكنى عن الشكر ولم يُذْكر، وإنما ذكر الفعل الدالّ عليه، وذلك نظير قوله: "الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسُ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمانا "بمعنى: فزادهم قول الناس لهم ذلك إيمانا... وقوله: "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى": يقول: لا تأثم آثمة إثم آثمة أخرى غيرها، ولا تؤاخذ إلا بإثم نفسها، يُعْلِم عزّ وجلّ عباده أن على كلّ نفس ما جنت، وأنها لا تؤاخذ بذنب غيرها...

وقوله: "ثُمّ إلى رَبّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ": يقول تعالى ذكره: ثم بعد اجتراحكم في الدنيا ما اجترحتم من صالح وسيئ، وإيمان وكفر أيها الناس، إلى ربكم مصيركم من بعد وفاتكم، "فينبئكم" يقول: فيخبركم بما كنتم في الدنيا تعملونه من خير وشرّ، فيجازيكم على كلّ ذلك جزاءكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بما يستحقه يقول عزّ وجلّ لعباده: فاتقوا أن تلقوا ربكم وقد عملتم في الدنيا بما لا يرضاه منكم تهلكوا، فإنه لا يخفى عليه عمل عامل منكم.

وقوله: "إنّهُ عَلِيمٌ بذاتِ الصّدُورِ" يقول تعالى ذكره: إن الله لا يخفى عليه ما أضمرته صدوركم أيها الناس مما لا تُدركه أعينكم، فكيف بما أدركته العيون ورأته الأبصار. وإنما يعني جلّ وعزّ بذلك الخبر عن أنه لا يخفى عليه شيء، وأنه مُحصٍ على عباده أعمالهم، ليجازيهم بها كي يتقوه في سرّ أمورهم وعلانيتها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} أي إن تكفروا دين الإسلام، ولم تسلموا، فإنه لا يقبل منكم دينا آخر.

{وإن تشكروا يرضه} وإن تسلموا {يرضه لكم} أي يقبل منكم كقوله: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85].

وجائز أن يكون قوله: {إن تكفروا} النعم التي عدها عليكم في ما تقدم ذكرها من قوله: {خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار} [الزمر: 5]...

{إن تكفروا} هذه النعم التي عدها عليكم فإنه غني عنكم، وإن تشكروا ما عد عليكم من النعم يقبل ذلك منكم.

وأصله أن الله عز وجل بين سبيل الهدى، ورغبهم إليه، وبين سبيل الضلال، وحذرهم منه، ثم بين أن من سلك سبيل الهدى فله كذا، ومن سلك سبيل الضلال فله كذا.

وأصل قوله: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} إخبار أنه لم يأمركم في ما أمركم به ولا نهاكم عما نهاكم عنه لحاجة نفسه أو لمنفعة له في ذلك. ولكن إنما امتحنكم بما امتحنكم لحاجة أنفسكم ولمنفعتكم ولدفع الضرر عنكم. وكذلك ما أنشأ من الأشياء لم ينشئها لحاجة نفسه أو لمنفعة له، ولكن إنما أنشأها لكم ولمنافعكم. وكذلك لم ينشئها لأنفسها حتى إذا أتلف شيئا عوضها لها على ما تقول المعتزلة: أن ليس لله أن يتلفها إلا أن يعوضها بإزاء ذلك، ولكن أنشأها وليس لهم تعويض إن أتلف الله شيئا منها.

{ولا تزر وازرة وزر أخرى} ذكر هذا لوجهين: أحدهما: جواب لقولهم حين قال عز وجل: {وَقَالَ للَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} الآية [العنكبوت: 12] أخبر أن لا أحد يحمل وزر آخر، ولكن يحمل وزر نفسه.

والثاني: يخبر أن أمر الآخرة على خلاف أمر الدنيا؛ لأن في الدنيا قد يحمل بعض آثام بعض، فأما في الآخرة فإنه لا يحمل أحد وزر آخر ولا آثامه.

{ثم إلى ربكم مرجعكم} خص البعث بالرجوع إليه مرة وبالمصير ثانيا والبروز له ونحو ذلك، وإن كانوا في جميع الأحوال راجعين إليه صائرين؛ لأن المقصود من إنشائهم في هذه الدنيا ذلك البعث، فخص لذلك الرجوع إليه.

{بذات الصدور} لأن أصحاب الصدور هم يصدرون، ويظنون في صدورهم...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

إنْ أعرضتم وأَبَيْتُم، وفي جحودكم تماديتم... فَمَا نَفْتَقِرُ إليكم؛ إذا نحن أغنياء عنكم، ولكنّي لا أرضى لكم أن تبقوا عني! يا مسكين... أنت إنْ لم تكن لي فأنا عنكَ غنيٌّ، وأنا إن لم أكنْ لك فمن تكون أنت؟ ومَنْ يكون لك؟ مَن الذي يُحْسِنُ إليك؟ مَن الذي ينظر إليك؟ من الذي يرحمك؟من الذي ينثر الترابَ على جراحِك؟ من الذي يهتم بشأنك؟ بمن تسلو إذا بَقِيتَ عنِّي؟ مَن الذي يبيعك رغيفاً بمثاقيل ذهب؟!. عَبْدي... أنا لا أرضى ألا تكونَ لي وأنت ترضى بألا تكون لي! يا قليلَ الوفاء، يا كثيرَ التجنِّي! إن أطَعْتَنِي شَكَرْتُك، وإن ذكَرْتَنِي ذكرتُك، وإن خَطَوتَ لأَجْلي خطوةً ملأتُ السماواتِ والأرضين من شكرك.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنكُمْ} عن إيمانكم وإنكم المحتاجون إليه، لاستضراركم بالكفر واستنفاعكم بالإيمان {وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر} رحمة لهم؛ لأنه يوقعهم في الهلكة {وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ} أي يرض الشكر لكم، لأنه سبب فوزكم وفلاحكم؛ فإذاً ما كره كفركم ولا رضي شكركم إلاّ لكم ولصلاحكم، لا لأنّ منفعة ترجع إليه؛ لأنه الغني الذي لا يجوز عليه الحاجة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{ولا تزر وازرة وزر أخرى} والوزر: الثقل، وهذا خبر مضمنه الحض على أن ينظر كل أحد في خاصة أمره وما ينوبه في ذاته.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ولا يرضى} لكم -هكذا كان الأصل بدليل ما سبقه ولحقه، وإنما أظهر ليعم وليذكرهم بما يجدونه في أنفسهم من أن أحداً منهم لا يرضى لعبده أن يؤدي خرجه إلى غيره بغير إذنه فقال: {لعباده} أي الذين تفرد بإيجادهم وتربيتهم.

{الكفر} بالإقبال على سواه وأنتم لا ترضون ذلك لعبيدكم مع أن ملككم لهم في غاية الضعف.

{وإن تشكروا} أي بالعبادة والإخلاص فيها {يرضه} أي الشكر الدال عليه فعله.

{لكم} أي الرضى اللائق بجنابه سبحانه بأن يقركم عليه أو يأمركم به ويثيبكم على فعله، والقسمان بإرادته، واختلاف القراء في هائه دال على مراتب الشكر- فالوصل للواصلين إلى النهاية على اختلاف مراتبهم في الوصول والاختلاس للمتوسطين والإسكان لمن في الدرجة الأولى منه.

ولما كان في سياق الحكم والقهر، وكانت عادة القهارين أن يكلفوا بعض الناس ببعض ويأخذوهم بجرائرهم لينتظم لهم العلو على الكل لعدم إحاطة علمهم بكل مخالف لأمرهم، بين أنه سبحانه على غير ذلك فقال: {ولا تزر وازرة} أي وازرة كانت {وزر أخرى} والإثم الذي يكتب على الإنسان بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس وزر غيره، وإنما هو وزر نفسه، فوزر الفاعل على الفعل، ووزر الساكت على الترك لما لزمه من الأمر والنهي.

ولما كان الجزاء تابعاً للعلم، قال معبراً عنه به: {فينبئكم} أي فيتسبب عن البعث أنه يخبركم إخباراً عظيماً {بما كنتم تعملون} أي بما كان في طبعكم العمل به سواء عملتموه بالفعل أم لا ثم يجازيكم عليه إن شاء.

ولما كان المراد -كما أشار إليه بكان- الإخبار بجميع الأعمال الكائنة بالفعل أو القوة حسن التعليل بقوله: {إنه عليم} أي بالغ العلم {بذات الصدور} أي بصاحبتها من الخواطر والعزوم، وذلك بما دلت عليه الصحبة -كل ما لم يبرز إلى الخارج، فهو بما برز أعلم...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{ولاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ} اعتراض بين الشرطين لقصد الاحتراس من أن يتوهم السامعون أن الله لا يكترث بكفرهم ولا يعبأ به فيتوهموا أنه والشكرَ سواء عنده، ليتأكد بذلك معنى استعمال الخبر في تنبيه المخاطب على الخطأ. وبهذا تعيّن أن يكون المراد من قوله: {لِعِبَادِهِ} العباد الذين وجّه الخطاب إليهم في قوله: {إن تكفروا فإنَّ الله غنيٌّ عنكم}، وذلك جريٌ على أصل استعمال اللغة لفظ العباد، كقوله: {ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} [الفرقان: 17]. الآية؛ وإن كان الغالب في القرآن في لفظ العباد المضاف إلى اسم الله تعالى أو ضميره أن يطلق على خصوص المؤمنين والمقرَّبين، وقرينة السياق ظاهرة هنا ظهوراً دون ظهورها في قوله: {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء} [الفرقان: 17]...

والرضى حقيقته: حالة نفسانية تعقُب حصولَ ملائم مع ابتهاج به، فإذا أُسند الرضى إلى الله تعالى تعيّن أن يكون المقصود لازم معناه الحقيقي؛ لأن الله منزّه عن الانفعالات، كشأن إسناد الأفعال والصفات الدالة في اللغة على الانفعالات مثل: الرحمان والرؤوف، وإسناد الغضب والفرح والمحبة، فيؤوَّل الرضى بلازمه من الكرامة والعناية والإِثابة إن عدي إلى الناس، ومن النفاسة والفضل إن عدّي إلى أسماء المعاني...

وفعل الرضى في هذه الحالة قد يُعدّى إلى مفعول ثان بواسطة لام الجر نحو: {ورضيت لكم الإِسلام ديناً} [المائدة: 3]، أي رضيته لأجلكم وأحببته لكم، أي لأجلكم، أي لمنفعتكم وفائدتكم. وفي هذا التركيب مبالغة في التنويه بالشيء المرضي لدى السامع،حتى كأن المتكلم يرضاه لأجل السامع...

{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} كأنّ موقع هذه الآية أنه لما ذكر قبلها أن في المخاطبين كافراً وشاكراً وهم في بلد واحد بينهم وشائج القرابة والولاء، فربما تحرج المؤمنون من أن يمسَّهم إثم من جراء كفر أقربائهم وأوليائهم، أو أنهم خَشُوا أن يصيب الله الكافرين بعذاب في الدنيا فيلحق منه القاطنين معهم بمكة فأنبأهم الله بأن كفر أولئك لا ينقص إيمان هؤلاء وأراد اطمئنانهم على أنفسهم، وأصل الوزر، بكسر الواو: الثقل، وأطلق على الإِثم؛ لأنه يلحق صاحبه تعبٌ كتعب حامل الثقل. ويقال: وَزَر بمعنى حمل الوِزر، بمعنى كسب الإِثم، وتأنيث {وَازِرَةٌ} و {أخرى} باعتبار إرادة معنى النفس في قوله: {واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً}

[البقرة: 48]. والمعنى: لا تحمل نفس وزر نفس أخرى، أي لا تغني نفس عن نفس شيئاً من إثمها، فلا تطمع نفس بإعانة ذويها وأقربائها، وكذلك لا تخشى نفس صالحة أن تؤاخذ بتبعة نفس أخرى من ذويها أو قرابتها. وفي هذا تعريض بالمتاركة وقطع اللجاج مع المشركين وأن قصارى المؤمنين أن يرشدوا الضُّلاّل لا أن يلجئوهم إلى الإِيمان، كما تقدم في آخر سورة الأنعام...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

بعد أنْ حَنَّنَ الحق سبحانه الخَلْق بذكر الربوبية التي خلقت وربتْ، وأمرتْ، وبذكر الألوهية التي ضمنتْ صلاح البلاد والعباد، بيَّن سبحانه أنه الغني عن خَلْقه، فقال تعالى: {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ} يعني: غني عن إيمانكم ولا تنفعه طاعاتكم.

فهو سبحانه جعل التكاليف لصلاح حالكم لا لمنفعة تعود عليه سبحانه، فأنتم خَلْقه وصَنْعته، والصانع يريد أنْ يرى صنعته على أحسن حال، يرى العبد المؤمن في المجتمع المؤمن الذي تتساند حركته لا تتعاند، وتتفق توجهاته لا تتضارب، الخالق سبحانه لا يحب أنْ يرى خَلْقه يتصارعون، واحد يبني والآخر يهدم.

إذن: هذا هو الهدف من الخَلْق ومن المنهج؛ لأن الله تعالى بصفات الكمال فيه خلق الخَلْق، ولم يزدْه الخَلْق صفة واحدة لم تكُن له من قبل، إذن: لا حاجة له إليكم. إنما أنتم صنعته ويريد لكم الخير...

ومعنى قوله تعالى: {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ}... وقوله سبحانه: {وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} دليل على محبته سبحانه لخَلْقه، فكأنه تعالى يقول: أنا غني عنكم، لكن لا أحب أنْ تكونوا كافرين؛ لأنني أريد أن أباهي بكم ملائكتي الذين قالوا عنكم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30]...

فالحق سبحانه لا يرضى لعباده الكفر لأنهم خَلْقه وصَنْعته، وهو سبحانه حريص على ما يُصلحهم، حريص على أنْ يكونوا مؤمنين لتستقيم أمورهم، وتمتد نِعَمه عليهم من الدنيا إلى الآخرة، فكما أنعم عليهم في الدنيا بِنعم موقوتة يريد أنْ يُنعم عليهم في الآخرة ونِعَم الآخرة باقية خالدة...

{وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ} فإن تشكروا يرضى لكم الشكر، ويعجبه منكم، ويحبه لكم، ويجزيكم عليه خيراً، وإنما رضي لهم سبحانه الشكر لأنه سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ..} [إبراهيم: 7]، فالشكر على النعمة يعطينا مزيداً من النعمة، فنشكر عليها فتعطينا المزيد، وهكذا يظل الشكر دائماً والنعمة دائمة...

{ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ} يعني: إنْ كنتُ قد بدأتُ خَلْقكم بالإكرام لكم، وقابلتم هذا الإكرام بالجحود، ولم تؤدوا حَقّه بالإيمان بي والطاعة لمنهجي، فاعلموا أنكم سترجعون إليَّ ولن تفلتوا مني {فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: يخبركم بما كان منكم.

{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7] إذن: تذكروا دائماً هذه المسألة، واحسبوا حسابها قبل فوات الأوان.

وهذه الآية تحذير من الحق سبحانه، وبيان للعقوبة من شأنه أنْ يردع الناسَ عن الجرائم، فلا تقع ولا تحدث العقوبة أصلاً، وهذا من رحمة الخالق بالخَلْق، فهو سبحانه يريد لهم الخير، ويريد لهم أنْ ينعموا بنعمه في الآخرة، كما نَعِموا بنعمه في الدنيا.