{ وَلَئِنْ أصابكم فَضْلٌ } كفتح وغنيمة { مِنَ الله } متعلق بأصابكم أو بمحذوف وقع صفة لفضل ، وفي نسبة إصابة الفضل إلى ( جانب ) الله تعالى دون إصابة المصيبة تعليم لحسن الأدب مع الله تعالى وإن كانت المصيبة فضلاً في الحقيقة ، وتقديم الشرطية الأولى لما أن مضمونها لمقصدهم أوفق ، وأثر نفاقهم فيها أظهر { لَّيَقُولَنَّ } ندامة على تثبطه وتهالكاً على حطام الدنيا وحسرة على فواته ، وفي تأكيد القول دلالة على فرط التحسر المفهوم من الكلام ولم يؤكد القول الأول ، وأتى به ماضياً إما لأنه لتحققه غير محتاج إلى التأكيد أو لأن العدول عن المضارع للماضي تأكيد ، وقرأ الحسن ( ليقولن ) بضم اللام مراعاة لمعنى ( من ) وذلك شائع سائغ .
وقوله تعالى : { كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } من كلامه تعالى اعتراض بين القول ومقوله الذي هو . { ياليتنى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } لئلا يتوهم من مطلع كلامه أن تمنيه المعية للنصرة والمظاهرة حسبما يقتضيه ما في البين من المودة بل هو للحرص على حطام الدنيا كما ينطق به آخره فإن الفوز العظيم الذي عناه هو ذلك ، وليس إثبات المودة في البين بطريق التحقيق بل بطريق التهكم ، وقيل : الجملة التشبيهية حال من ضمير يقولن ، أي ليقولن مشبهاً بمن لا مودة بينكم وبينه حيث لم يتمن نصرتكم ومظاهرتكم ، وقيل : هي من كلام المبطىء داخلة كجملة التمني في المقول أي ليقولن المبطىء لمن يثبطه من المنافقين وضعفة المؤمنين كأن لم تكن بينكم وبين محمد صلى الله عليه وسلم مودة حيث لم يستصحبكم معه في الغزو حتى تفوزوا بما فاز به المستصحبون يا ليتني كنت معهم الخ ، وغرضه إلقاء العداوة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأكيدها ، وإلى ذلك ذهب الجبائي ، وذهب أبو علي الفارسي والزجاج وتبعه الماتريدي إلى أنها متصلة بالجملة الأولى أعني قال : قد أنعم الخ أي قال : ذلك كأن لم يكن الخ ورده الراغب والأصفهاني بأنها إذا كانت متصلة بالجملة الأولى فكيف يفصل بها بين أبعاض الجملة الثانية ومثله مستقبح ، واعتذر بأن مرادهم أنها معترضة بين أجزاء هذه الجملة ومعناها صريحاً متعلق بالأولى وضمناً بهذه ، و { كَانَ } مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وهو محذوف ، وقيل : إنها لا تعمل إذا خففت .
وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب { تَكُنْ } بالتاء لتأنيث لفظ المودة ، والباقون يكن بالياء للفصل ولأنها بمعنى الودّ ، والمنادى في { ياويلتا لَيْتَنِى } عند الجمهور محذوف أي يا قومي ، وأبو علي يقول في نحو هذا : ليس في الكلام منادي محدوف بل تدخل يا خاصة على الفعل والحرف لمجرد التنبيه ، ونصب أفوز على جواب التمني ، وعن يزيد النحوي والحسن { فَأَفُوزَ } بالرفع على تقدير فأنا أفوز في ذلك الوقت ، أو العطف على ( خبر ليت فيكون داخلاً في ) التمني .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ وَلَئِنْ أصابكم فَضْلٌ مِنَ الله } مواهب غيبية وعلوم لدنية ومراتب سنية وقبول عند الخواص والعوام { لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } أي حسداً لكم { مَوَدَّةٌ ياليتنى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ } دونهم { فَوْزاً عَظِيماً } [ النساء : 73 ] وأنال ذلك وحدي
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.