التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{نِسَآؤُكُمۡ حَرۡثٞ لَّكُمۡ فَأۡتُواْ حَرۡثَكُمۡ أَنَّىٰ شِئۡتُمۡۖ وَقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُم مُّلَٰقُوهُۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (223)

قوله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) الحرث يراد به موضع الولد كما ذكر عن ابن عباس . وإتيان الحرث يراد به الجماع في الفرج . وقوله : ( أنى ) أعم من متى وكيف وأين . فهل تشمل كل هذه الأسئلة من حيث المضمون . والمعنى للآية أن نساءكم موضع نسل لكم وتوالد حيث الفروج ، فأتوهن في الفروج على الهيئة التي تريدون مقبلات أو مدبرات ، على أن يكون الجماع في صمام واحد معروف ، وأي تجاوز لهذا الصمام حيث النسل والولد ، فهو حرام . وفي هذا الصدد جاء في الحديث عن الرسول ( ص ) : " مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج " .

وذكر أن أناسا من الأنصار أتوا النبي ( ص ) ، فسألوه عن ذلك ، فقال : " ائتها على كل حال إذا كان في الفرج " . أما الإتيان في الدبر فهو محظور استنادا إلى الدلالة المستفادة من هذه الآية والتي تنحصر فيها الإباحة على الوطء في الفروج حيث الحرث ( النسل ) . واستنادا كذلك إلى النصوص من السنة وما ذهبت إليه جماهير العلماء في هذه المسألة . وما من قول يبيح الوطء في الأدبار إلا هو ضعيف أو مرجوح .

ثم يدعو الله عباده أن يقدموا من الطاعات وصالح الأعمال ما يجدون ثمرته يوم القيامة ؛ وعلى المؤمنين أن يكونوا دائما على تقوى من الله ، وليعلموا في يقين أنهم ملاقوه في يوم يشتد فيه الهول ويغيب فيه الشفعاء ( وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المومنين ) {[303]} .


[303]:- تفسير ابن كثير جـ 1 ص 259 وتفسير الطبري جـ 2 ص 225- 234.