فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{نِسَآؤُكُمۡ حَرۡثٞ لَّكُمۡ فَأۡتُواْ حَرۡثَكُمۡ أَنَّىٰ شِئۡتُمۡۖ وَقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُم مُّلَٰقُوهُۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (223)

119

{ حرث } مزدرع . { أنى شئتم } كيف شئتم وأي وجه أحببتم .

{ وقدموا لأنفسكم } قدموا الخير والعمل الصالح ليوم معادكم لربكم .

{ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين } روى البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عن جابر بن عبد الله قال كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت الآية { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم . . } زاد في رواية عن الزهري إن شاء مجبية{[697]} وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد ، وذكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتى محرم{[698]} ، و{ حرث } تشبيه ، لأنهن مزدرع الذرية . { وقدموا لأنفسكم } لعل المعنى اعملوا الذي تجدونه منجيا لكم من كربات الآخرة { واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين } واتقوه في معاصيه أن ترتكبوها وفي حدوده أن تضيعوها فإنكم على ربكم تعرضون وبين يديه تحاسبون وبأعمالكم مجزيون ، وعهد البر الرحيم سبحانه إلى رسوله وخاتم أنبيائه أن يبشر أهل التقوى واليقين بما أعد الله للأبرار من الدرجات العلى في جنات النعيم .

{ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } .


[697]:مجبية أي منكبة على وجهها.
[698]:لكن من فسر أنى ب{من أين} ذهبوا إلى أن الوطء في الدبر مباح للرجل من امرأته وأطال الطبري رحمه الله تعالى في نقل روايات عمن ذهبوا إلى ذلك ونقل القرطبي قريبا من هذا ومما روى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا ويتأول فيه قول الله عز وجل {أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم..}وقال فتقديره تتركون مثل ذلك من أزواجكم ولو لم يبح لكم مثل ذلك من الأزواج لما صح ذلك لكنه نقل عن ابن عبد البر أن العلماء لم يختلفوا في الرتقاء التي لا يوصل وطئها أنه عيب ترد به وفي إجماعهم على هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء.