الآية 223 وقوله تعالى : ( نساؤكم حرث لكم ) [ الحرث هو المزرع ]{[2561]} ؛ وفيه دليل النهي عن الاعتزال عنها ، لأن المزرع إذا ترك سدى يضيع ، ويخرب ، وفيه دليل أن الإباحة في إتيان النساء طلب التناسل والتوالد لا قضاء الشهوة ، لأنه سمى ذلك حرثا ، والحرث ما يحرث ، فيتولد من ذلك الولد ، وفيه دليل أن الإتيان في غير موضع الحرث محرم منهي{[2562]} وعلى ذلك جاءت الآثار أنها سميت اللوطية الصغرى وما جاء أنه نهى عن إتيان النساء في محاشهن ؛ يعني في أدبارهن . وفي بعض الأخبار : " إتيان النساء [ في أدبارهن ]{[2563]} كفر " [ بنحوه أبو داوود : 3904 ] .
وقوله تعالى : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يعني على أي جهة شئتم بعد أن يكون ذلك في المزرع . ولا بأس بالاعتزال عنها إذا أذنت لما ذكرنا أن الأمر بذلك أمر بطلب النسل لا قضاء الشهوة . فإذا كان كذلك فلها ألا تتحمل مشقة تربية ، وأما الزوج فإنما عليه المؤنة ؛ وذلك مما ضمن الله لكل ذي روح بقوله : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) [ هود : 6 ] لذلك نهي هو عن الاعتزال دون إذنها ، ولم تنه هي عن الإذن عن ذلك ، والله أعلم .
وأما الاعتزال عن الإماء وملك اليمين فإنه لا بأس ؛ لأنه لا يطلب النسل من الإماء في المتعارف ، لذلك لم يكره ، ولأن في إحبالهن إتلافا{[2564]} ، وللرجل ألا يتلف ملكه ، لذلك افترقا ، والله أعلم .
والأصل أن الشهوات مجعولة لما بها إمكان قضاء الحاجات التي يقضي بها جري تدبير العالم ، وبه يكون دوام النسل وبقاء الأبدان والحاجة لا تحتمل الوقوع في الأدبار ، لذلك لم يجعل فيها .
وقوله تعالى : ( وقدموا لأنفسكم ) : قيل فيه بوجهين : قيل : قدموا العمل الصالح ، وقيل : قدموا لأنفسكم من الولد تحفظونه{[2565]} عند الزيغ عما لا يجب .
وقوله : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) : [ يحتمل قوله : ( أنكم ملاقوه ) أي ]{[2566]} ما قدمتم من العمل الصالح ، فتجزون على ذلك كقوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) [ البقرة : 110 ] ويحتمل قوله : ( أنكم ملاقوه ) أي ملاقوا ربكم بوعده ووعيده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.