التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (10)

قوله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } :

يأمر الله عباده المؤمنين أن يتقوا ربهم ، وذلك بعبادته وحده لا شريك له ، فيطيعوا أوامره ويجتنبوا نواهيه .

قوله : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ } أعدَّ الله للمحسنين الذين أخلصوا دينهم لله وبادروا فعل الطاعات والصالحات واستقاموا على صراط الله القويم ومنهجه الحكيم – أعدَّ الله لهم حسنة وهي الجنة .

قوله : { وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ } فلا عذر للمفرطين المتخاذلين الذين يتعللون بأنهم مقهورون في بلادهم وأوطانهم فلم يتمكنوا من عبادة الله وطاعته ودعوة الناس إلى الإسلام بما يجدونه في أوطانهم من ظلم الظالمين الذين يصدونهم عن دين الله . بل عليهم أن يبادروا القرار بدينهم وترك الأوطان التي لا يستطيعون فيها أن يعبدوا الله أو يوشك أن تغشاهم فيها غاشية من الفتنة ، ينزلقون فيها عن الإسلام فينقلبون فاسقين مشركين . فلا جرم أنهم في مثل هذه الحال مكلفون بالهجرة إلى بلاد الله الواسعة التي يجدون فيها الأمن فيعبدون الله طُلقاء ويدعون الناس إلى منهج الحق ، منهج الإسلام .

قوله : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ذلك ثناء من الله عظيم على الصابرين الذين يصبرون على فراق الوطن والأهل والعشيرة والخلان ، ويصبرون على بلاء الغربة وهم بعيدون عن بلادهم وأهليهم فرارا بدينهم من أرض القهر والصدّ والفتنة . أولئك يوفّيهم الله أجورهم بغير حساب ؛ أي يعطون في الآخرة من جزيل الأجر والجزاء ما لا يحصره حساب من الكثرة .