مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (10)

{ قُلْ ياعباد الذين ءَامَنُواْ } بلا ياء عند الأكثر { اتقوا رَبَّكُمُ } بامتثال أوامره واجتناب نواهيه { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هذه الدنيا حَسَنَةٌ } أي أطاعوا الله في الدنيا . و «في » يتعلق ب { أَحْسَنُواْ } لا ب { حَسَنَةٌ } ، معناه الذين أحسنوا في هذه الدنيا فلهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة أي حسنة لا توصف . وقد علقه السدي ب { حَسَنَةٌ } ففسر الحسنة بالصحة والعافية . ومعنى { وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ } أي لا عذر للمفرطين في الإحسان البتة حتى إن اعتلوا بأنهم لا يتمكنون في أوطانهم من التوفر على الإحسان . قيل لهم : فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة ، فتحولوا إلى بلاد أخرى . واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم { إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون } على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرها من تجرع الغصص واحتمال البلايا في طاعة الله وازدياد الخير { أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا يهتدي إليه حساب الحسّاب ولا يعرف . وهو حال من الأجر أي موفراً