محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (10)

{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ } أي للذين أحسنوا بالطاعات في الدنيا ، مثوبة حسنة في الآخرة ، لا يكتنه كنهها { وأرض الله واسعة } أي بلاده كثيرة . فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان في وطنه ، فليهاجر إلى حيث يتمكن منه . قال الشهاب : وجه إفادة هذا التركيب هذه المعاني الكثيرة ، أوضحه شراح ( الكشاف ) بأن قوله { للذين أحسنوا } مستأنف لتعليل الأمر بالتقوى ، ولذا قيد بالظرف . لأن الدنيا مزرعة الآخرة ، فينبغي أن يلقي في حرثها بذر المثوبات . وعقب بهذه الجملة لئلا يعتذر عن التفريط بعدم مساعدة المكان ، ويتعلل بعدم مفارقة الأوطان ، فكان حثا على اغتنام فرصة الأعمار ، وترك ما يعوق من حب الديار ، والهجرة فيما اتسع من الأقطار ، كما قيل :

إذا كان أصلي من تراب فكلّها*** بلادي وكل العالمين أقاربي

انتهى .

{ إنما يوفى الصابرون } أي على مشاق الطاعة من احتمال البلاء ، ومهاجرة الأوطان لها { أجرهم بغير حساب } أي بغير مكيال . تمثيل للكثرة .