بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (10)

قوله عز وجل : { قُلْ يا عباد الذين آمنوا } يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، { اتقوا رَبَّكُمُ } يعني : اخشوا ربكم في صغير الأمور ، وكبيرها ، واثبتوا على التوحيد .

ثم قال : { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ في هذه الدنيا حَسَنَةٌ } يعني : لمن عمل بالطاعة في الدنيا { حسنة } ، له الجنة في الآخرة .

ويقال : { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } يعني : شهدوا أن لا إله إلا الله في الدنيا { حسنة } . يعني : لهم الجنة في الآخرة . ويقال : { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } أي : ثبتوا على إيمانهم فلهم الجنة .

قوله : { وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ } قال مقاتل : يعني : الجنة واسعة . وقال الكلبي : { وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ } يعني : المدينة ، فتهاجروا فيها . يعني : انتقلوا إليها ، واعملوا لآخرتكم ، { إِنَّمَا يُوَفي الصابرون أَجْرَهُمْ } يعني : هم الذين يصبرون على الطاعة لله في الدنيا ، جزاؤهم ، وثوابهم على الله ، { بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني : بلا عدد ، ولا انقطاع . وروى سفيان عن عبد الملك بن عمير ، عن جندب بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ » . قال سفيان لما نزل { مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بالسيئة فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الأنعام : 160 ] قال النبي صلى الله عليه وسلم : «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي » . فنزل : { مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ والله يضاعف لِمَن يشاء والله واسع عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] قال : «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي » فنزل { مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 245 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي » فنزل : { إِنَّمَا يُوَفي الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم .